ارسل ملاحظاتك

ارسل ملاحظاتك لنا







الدين والدولة في ليبيا اليوم

المصدر: المستقبل العربى
الناشر: مركز دراسات الوحدة العربية
المؤلف الرئيسي: أمنينة، عبير إبراهيم (مؤلف)
المجلد/العدد: مج 35, ع 407
محكمة: نعم
الدولة: لبنان
التاريخ الميلادي: 2013
الشهر: يناير
الصفحات: 12 - 31
ISSN: 1024-9834
رقم MD: 454109
نوع المحتوى: بحوث ومقالات
قواعد المعلومات: EcoLink
مواضيع:
رابط المحتوى:
صورة الغلاف QR قانون

عدد مرات التحميل

71

حفظ في:
المستخلص: يظل الدين العنصر الأكثر أهمية في هوية الليبيين، وإن كان دوره في الحياة السياسية في طور التعرض لإعادة صياغة وتشكيل بفعل التغيرات السياسية التي تمظهرت بانتهاء حقبة القذافي وتداخل أدوار القوى المختلفة في هذا التغيير قبل أن يتم فعلاً الاتفاق على قواعد ناضجة للديمقراطية( ). كثيرة هي الأسئلة التي واكبت نتائج انتخابات المؤتمر الوطني العام حول المستقبل القريب للحياة السياسية في ليبيا من خلال طرح احتمالية تراجع التيار الإسلامي كنتيجة حتمية لإخفاقه في الانتخابات مقابل صعود تيارات أخرى وطنية نجحت في التقدم على التيار الإسلامي من جهة، أو رجوع التيارات الدينية على اختلافها في جولة ليست بالبعيدة من جهة أخرى. لقد أدرك الإسلاميون ولاسيما الإخوان بأنهم ليسوا هم من يستفرد بالسلطة، وأن مشروعهم السياسي هو أحد المشاريع السياسية المطروحة، وإذا أرادوا أن يكون لهم تواجد وتأثير في المجتمع، عليهم أن يتبنوا رؤية تنموية حقيقية ليس مجرد برنامج انتخابي يلوحون به، عليهم أن يقدموا أنفسهم بشكل مختلف بعيداً عن الوصاية والدعوة، وهذه الخطوة ليست باليسيرة، لاسيما وأن المجتمع الليبي لا يفرق بين التيارات الدينية المختلفة فكلها إسلامي، وكلها مدعوم من الخارج، وكلها لها أجندة خارجية، وكلها تهدد طبيعة الإسلام الوسطي الذي ترعرع فيه الليبيون، وقد أدرك الإخوان المسلمون مبكراً ذلك، وشرعوا في الإعلان عن جامعة إخوان مسلمي ليبيا وتسجيلها كمؤسسة من مؤسسات المجتمع المدني كخطوة أولى لدرء الارتباط والولاء لإخوان مصر. إن احتمالية هيمنة التيار الديني بكافة تنويعاته على العملية السياسية في ليبيا أمر بعيد، ولاسيما في السنوات القليلة القادمة لأسباب عدة، منها عدم قبول المجتمع التشدد والغلو والعنف، وعدم تعاطفه مع الجماعات المتطرفة التي يضعها مع بقية الطيف الديني. كما تمثل أهداف الثورة ذاتها، التي قامت على التوق إلى مجتمع منفتح تنموي خدمي يحقق الرفاهية، ويوفر فرص التشغيل، سبباً آخر لعدم هيمنة الإسلاميين. هذا فضلاً عن أن الشباب الذين يشكلون وقود الثورة نشأوا غير متأثرين أو موجهين أيديولوجياً حيث ترعرعوا في حقبة كانت السيطرة على الفكر الآخر والتنظيم تتم بيد من حديد، الأمر الذي يبعد من احتمالية سيطرة أحد أطياف التيار الديني على السلطة في المستقبل. إن قيام دولة دينية أمر يظل أقل الاحتمالات حدوثاً لأسباب تم الإشارة إليها آنفاً، فضلاً عن مبررات أخرى يراها البعض متجسدة في انعدام الرؤية الموحدة حول مستقبل ليبيا بين تنويعات التيار الإسلامي. إن التحديات القادمة ليست في مدى مشاركة الأحزاب الدينية في السلطة، فكثيرة هي الأحزاب ذات المرجعية الدينية التي قدمت نفسها كشريك في العملية السياسية، ولم يعكس خطابها أي رفض للديمقراطية وتداول السلطة بل انخرطت في المشاركة السياسية كقناعة أو كنهج براغماتي في اللعبة الانتخابية، متبنية وعودا باحترام تداول السلطة والديمقراطية وحقوق الإنسان، ولكن المعضلة تبقى في أولئك الذين لا يرتضون الدخول في العملية السياسية بشكل تنظيمي مؤطر، ويفضلون الإسلام المواجه وليس المشارك، ويعتبرون ما هو موجود مخالفاً ومناقضاً لرؤاهم لطريقة الحكم الإسلامي والدولة الإسلامية، فهؤلاء لديهم ميليشيات مسلحة بأضخم التجهيزات كغيرهم من بقية الكتائب، ولهم أجندتهم الخاصة، ولقد شرعوا في التعبير عن أنفسهم بهدم التماثيل ونبش القبور وتهديم المزارات والتهديد بإقفال محال مزينات النساء وإغلاق محطات الراديو، وأعلنوا عن ضخامة تجهيزاتهم بمسيرة أطلقوا عليها "نصرة الشريعة" ضمت كتائب متعددة من جهات مختلفة من ليبيا، ولقد رددت ضمن شعاراتها رفضها في أن تكون "تحت حكومة أو مجلس يحكم بغير ما أنزل الله" و"الديمقراطية منهج حكم غربي مختلف لمنهج الإسلام"( ). مع مثل هذه المعطيات الذي يؤجج من تأثيرها السلبي انتشار السلاح ووجود الميليشيات الذي يقدره البعض بثلاثمئة فصيل، فضلاً عن المسلحين الذي يربو عددهم على 125.000 ليبي( )، تواجه ليبيا تحديات كثيرة في المرحلة القادمة، فهذه الميليشيات لا ترى نفسها تعمل ضمن سلطة مركزية، وإجراءاتها منفصلة في تسجيل الأعضاء والأسلحة وفي إجراءات الاعتقال والتحقيقات والاحتجاز للمشبوهين( )، وشرعت في الهجوم على البعثات الدبلوماسية والمنظمات الإنسانية، والمؤسسات المنتخبة، لذا يجب الحوار معها ونزع أسلحتها، لأنه بغير ذلك لن تكون ليبيا في مأمن من الانجراف نحو عهد من الفوضى. ولعل من نافلة القول صعوبة نزع سلاح هذه الجماعات التي تتنافس فيها بينها في ضخامة التجهيزات، ولكن على السلطات المنتخبة البدء في تفكيك سلاح هذه الجماعات والعمل على وضع إستراتيجية طويلة المدى لتوفير الفرص الاقتصادية لأفرادها لاحتوائهم وإدماجهم في قطاعي الشرطة والجيش لمن يرغب في ذلك، وتوفير الوظائف المدنية، لأن بدون تسليم هذه الجماعات أسلحتها، وبدون انضوائها تحت لواء الدولة، لن يكون هناك مجال للنقاش الحر حول الديمقراطية والدستور، وسوف تحاول هذه الجماعات الرافضة تسليم السلاح أي جدل خارج ما تؤمن به من رؤية أحادية لمستقبل ليبيا، الأمر الذي يزيد الوضع ارتباكاً وتوجساً من هذه التنظيمات، ولاسيما المتطرف منها، ويلقي بظلاله على مستوى البلاد.

ISSN: 1024-9834

عناصر مشابهة