المصدر: | مجلة تبين للدراسات الفكرية والثقافية |
---|---|
الناشر: | المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات |
المؤلف الرئيسي: | نويهض، وليد (مؤلف) |
المجلد/العدد: | مج 1, ع 3 |
محكمة: | نعم |
الدولة: |
قطر |
التاريخ الميلادي: |
2013
|
الشهر: | شتاء |
الصفحات: | 261 - 282 |
DOI: |
10.12816/0000322 |
ISSN: |
2305-2465 |
رقم MD: | 470831 |
نوع المحتوى: | بحوث ومقالات |
قواعد المعلومات: | AraBase |
مواضيع: | |
رابط المحتوى: |
المستخلص: |
لقد أعطت إعادة قراءة الرسالة الثانية والأربعين فكرة عن السجال الأيديولوجي الدائر آنذاك في عصر إخوان الصفا، والنقاش الحاصل بشأن المعارف وتطوّرها، ومدى إمكان استخدامها كأدوات بحث "تحليل، تفكيك، تركيب" للتعرّف إلى الأسباب الموجبة التي أدّت إلى اختلاف الناس وتنوّع الأديان وتعدّد المذاهب والآراء. والنتيجة العامّة لم تكن موفّقة في شموليّتها، لأن الرسالة وعدت في مطلعها بالإجابة عن كلّ العوامل المؤثّرة في الإنسان، لكنّها انحرفت في سياقها العام وأخذت تركّز على العوامل الحسّية "الحواس، الدماغ، العقل" والعوامل الادراكيّة "الوعي، مستوى المعرفة، واستخدام الأدوات المنهجيّة والقياس"، وأهملت إلى حدّ معيّن تلك الأسباب المتعلّقة بالمناخ والطبيعة والاجتماع والتربية والأهل والأخلاق التي وعدت الرسالة بالإتيان إلى ذكرها. وقد ذكرتها الرسالة ولكن بشكل سريع، ومن دون شرح أو تفصيل. ربّما هناك بعض المبرّرات التي تعطي الرسالة بعض العذر في التقصير، منها المراجع والمصادر والإحالات التي اعتمدت عليها لتفسير المعطيات التي أدّت إلى الاختلاف. فالمراجع التي استندت إليها تركّزت على كتاب إقليدس في الهندسة، وكتب أرسطو وغورفوريوس في الفلسفة والبرهان، وكتاب المجسطي، وكتاب بانياس الحكيم. هذه الكتب ربّما تكون قد ساهمت في التحكّم في مسار البحث وأدّت في النهاية إلى التركيز على أسباب وتغليبها على أخرى. كما كان لإحالات الرسالة الثانية والأربعين إلى الرسائل الأخرى دورها في القفز على الأسباب والذهاب فورًا إلى الاستنتاجات، خوفًا من الإعادة والتكرار. فالرسالة كانت تحيل القارئ وتنصح له بالعودة إلى ما ذكرته عن الموضوع في رسائل سابقة، وهي اشتملت على العناوين الآتية: رسالة الأخلاق؛ الحاس والمحسوس؛ العقل والمعقولات؛ الهندسة وبيان المنطق؛ رسالة تركيب الجسد؛ الرسالة الجامعة؛ الصنائع العلميّة؛ الزّجر؛ رسالة القاطيغورياس؛ الرسالة المنطقيّة؛ البعث والقيامة؛ رسائل في العقليات والرياضيات والطبيعيات والإلهيات؛ رسالة نسب الموسيقى؛ الهيولى والصورة؛ الهندسة الحسيّة؛ العلل والمعلولات؛ رسالة الحيوانات؛ النواميس؛ المنطق؛ الإنسان عالم صغير؛ الآلام واللذات؛ الإيمان؛ الرسائل الناموسيّة الإلهية؛ المبادئ؛ ورسالة حكمة الموت. هذه الإحالات إلى رسائل سابقة "مجموعها أربع وثلاثون رسالة" تشكّل كلّها أكثر من ثلثي أعمال إخوان الصفا، وربّما تفسّر الأسباب التي أدّت إلى عدم غوص الرسالة الثانية والأربعين في التفصيلات على اعتبار أنّها جاءت إلى ذكرها في مواضع سابقة. إلّا أنّ المهمّ في المسألة لم يغب عن منهج الرسالة، فهي نجحت في تحليل الأسباب والمسبّبات التي تؤدّي إلى اختلاف الخاصّة "العقلاء"، وبالتالي دفع الناس "العامّة" إلى التورّط في الأخذ بالتفصيلات والفروع ،ومغادرة الأصول من دون انتباه؛ فالرسالة ترى أن البشر، على اختلاف دياناتهم ومعتقداتهم ومذاهبهم وأنماط معاشهم وتعاملاتهم، متوّحدون على الأصول والمبادئ العامّة على اعتبار أن الكلّ جاء من جوهر واحد، وسينتهي في إطار واحد. لذلك حرصت الرسالة في نهاية أوراقها على الدعوة إلى التوحّد لتحقيق السعادة القصوى المرهونة بتطوّر الزمن وتقدّم علومه التي تمتلك وحدها مفاتيح معرفة الغيب في المستقبل. لكن الرسالة لم تترك المسألة مفتوحة على المجهول؛ فهي قرّرت أيضًا الدعوة إلى توحيد الإنسان "الإنسان الكامل" بوصفه القوّة الوحيدة التي تتوافر فيه القدرات والمعطيات "الكلّ في الجزء والجزء في الكلّ" لتحقيق حلم «المدينة الروحانيّة الفاضلة ،»وهي دعوة أفلاطونيّة بدأت في جمهوريّته، وأخذ بها الفارابي مع تعديلات إسلاميّة تقول بها وبما سمّاه لاحقًا بــ «المدينة الفاضلة»(81). إنّ الطموح نحو العالم المثالي والتشبّه بفترة الخلافة الراشدة يشكّلان ذلك الرابط بين ماضٍ جميل ومستقبل غير منظور. والرابط بينهما كان حاضر إخوان الصفا المجبول بالمخاطر، وبالمخاوف من الانشطار الأهلي وتفرّق الناس وتوزّعهم على فِرَق وملل ونحِل تتقاتل على فروع لا قيمة لها أمام جوهر الأصول. ولم تكن مخاوف إخوان الصفا من عثرات المستقبل مختلَقة أو متخيَّنلة؛ فالأمور سارت بعد أقلّ من مئة عام على وضع الرسالة ونشرها إلى مضاعفات وتداعيات وانقسامات، توّجت بدخول الفرنجة بلاد الشام واحتلال القدس وانتشار الفوضى في بغداد، بعد نمو قوّة الفرق الباطنيّة في بلاد الرافدين، وهي الفِرَق التي اتّخذت من الاغتيالات سياسة للتعامل مع الآخر والمختلف(82). وهي فترة صعبة ذكرها الكثير من المؤرّخين. \ |
---|---|
ISSN: |
2305-2465 |