المستخلص: |
فإن النبي صلى الله عليه و سلم أفصح العرب, وإن الحديث النبوي الشريف ليتميز بسهولة الألفاظ وإلفها والأنس بها في كل عصر, والعفوية والبداهة التي تنتج بالطبيعة ملاءمة الألفاظ والتراكيب للمعنى والغرض الذي سيق لأجله الكلام, فهو الحكمة المتكاملة, والسمو في اللغة والبيان, وإنه لعلى بلاغة عظيمة. ومن الحكمة: أنه يلبس كل موضوع ثوبه اللائق به و يعالج كل داء بدوائه. وإن صلة الرحم من الأخلاق التي يعلم الناس حسنها وعظيم شانها ثم تجد مع ذلك أحوالاً يتخلف فيها العمل عن العلم, وأوقاتاً يعم فيها البلاء بهجران الأقرباء. فيأتي الحديث الشريف لاستثارة كمائن النفس, واستحياء الشعور الباعث على العمل, وذلك في أسلوب بليغ تصويري مؤثر غير تقريري ولا ممل. ومن الأحاديث الغنية في هذا المجال: حديث أخذ الرحم بحقو الرحمن, ففيه من نفائس البلاغة والتصوير ما تقر به العين, ولكنه سرعان ما يتجه النظر فيه إلى المسألة العقدية الشهيرة المتعلقة بصفات الله عز وجل, فكان لا بد من دراسة هذه العبارة من الحديث دراسة شاملة لمتعلقاتها البلاغية و العقدية, التي تدور على ثلاثة محاور: التشخيص , والكناية, وقضية الصفات الخبرية. ونظراً لتداخل هذه المحاور الثلاثة فقد أثرت عرضها في ستة مطالب: المطلب الأول: في تخريج الحديث المذكور. والثاني: في معنى الرحم. والثالث: في مذاهب أهل السنة في حقو الرحمن إثباتاً أو تأويلاً, مع تبسط في هذا المطلب لأهمية المسألة العقدية التي فيه. والرابع: في الكناية في الحديث ودورها في تقريب المذاهب في مسألة الصفات. والخامس: في التشخيص في هذا الحديث وفوائده. والسادس: الموازنة بين ( تعلقت بحقو الرحمن ) و (معلقة بالعرش ) وبيان أنهما حالان مختلفان. ثم خاتمة: أذكر فيها أهم نتائج البحث. متبعاً في كل ذلك منهج المقارنة والتحليل, وملتزماً صحة الحديث وما يغلب على الظن انه لفظ النبي صلى الله عليه و سلم؛ وذلك بسبر الروايات ومقارنتها؛ لأننا في الدراسة الأدبية نتطلب اللفظ
|