المصدر: | التقرير الاستراتيجي الحادي عشر الصادر عن مجلة البيان: التحولات الكبرى - مستقبل العالم الإسلامي بعد مائة عام من الحرب العالمية الأولى |
---|---|
الناشر: | مجلة البيان بالسعودية - المركز العربي للدراسات الانسانية |
المؤلف الرئيسي: | غل، محمد (مؤلف) |
محكمة: | نعم |
الدولة: |
السعودية |
التاريخ الميلادي: |
2014
|
مكان انعقاد المؤتمر: | الرياض |
رقم المؤتمر: | 11 |
الهيئة المسؤولة: | مجلة البيان والمركز العربي للدراسات الإنسانية بالقاهرة |
التاريخ الهجري: | 1435 |
الصفحات: | 25 - 53 |
رقم MD: | 482758 |
نوع المحتوى: | بحوث المؤتمرات |
اللغة: | العربية |
قواعد المعلومات: | IslamicInfo |
مواضيع: | |
رابط المحتوى: |
المستخلص: |
تعتبر الدولة العثمانية واحدة من الدول التي ولدت فتية في جسمها وعقلها، وكبرت بقبيلتها وأنصارها وشعبها، وتمسكها بدينها الصافي الذي كان يمثل عقلها الفعال، فكبرت قوتها وتوسعت جغرافيتها وامتدت أطرافها، حتى تحولت من إمارة صغيرة إلى امبراطورية تهابها الدول العظمى، ثم بدأ الضعف يدب في جسمها، ويتعطل عقلها عن الفعل، أو يتم الضغط عليه من الدول الأوروبية لتعطيله أو استبداله، بعقل أوروبي وحداثة مقلدة للغرب، فكان التدخل الخارجي أحد أسباب ضعف الجسم والعقل معا، فانهارت الدولة العثمانية بسبب ضعفها، وعدم قدرتها على علاج ذاتها، وبسبب الضغوط الأوروبية المتواصلة لإرهاق الدولة ثم الانقضاض عليها عسكريا في الحرب العالمية الأولى والقضاء عليها، ومواصلة العمل الدءوب للحيلولة دون عودتها جسما واحدا ولا عقلا موحدا. ويمكن القول بأن الخلافة العثمانية على عظمتها كدولة عظمى واكبت الحدث الدولي بكل مقوماته وأبعاده السياسية والعسكرية، وحققت النجاحات المتوالية في هذا المجال، وفرضت قوتها ودورها على المسرح الدولي، ولكنها لم تكن تواكب ذلك بالتجديد الرسالي الذي يصاحب حركة الفتوحات، علي النمط الرسالي الذي واكب الفتوحات الإسلامية في القرون الأولي، وربما تكون هذه المسألة من القضايا التي تحتاج إلى دراسة واسعة ومعمقة في معرفة مكانة الرسالة الإسلامية مع الفتوحات العثمانية. إن نسبة دخول الناس الأوروبيين الذين دخلوا الإسلام في ظل الفتوحات العثمانية هي قليلة جدا بالنظر إلى الجهود العسكرية التي بذلتها الخلافة العثمانية في عملية فتح تلك البلدان، وكأن الجهود الفكرية والاجتهادات الدينية لم تكن بنفس القدر أو التناسب مع الجهد العسكري المبذول، وقد يكون ذلك من أسباب ضعف الدولة في العصور التالية: لأنه أثر على ثبات الدولة في تلك البلدان فكريا، فوق إرهاقها في الفتوحات المتكررة لتلك البلدان، لأنها كانت ترتد على سلطان الدولة كلما سنحت لها الفرصة بذلك. إن أهمية دراسة انهيار الدول تكمن في القدرة على النجاة من هذا الوقوع الدنيوي والأخروي، فلا تسقط دولة ولا يتم تداول حالها بين الناس، إلا بعد أن تكون قد دخلت في المخالفات الأخلاقية والمظالم الاجتماعية والاستبداد السياسي، بحيث يصبح استمرارها ثقيلا على أهلها، فالعبرة الأولى: أن لا تقع الأمم فيما وقع فيه غيرها من أمراض السقوط والانهيار، ولنتذكر جيدا أن (من لا يجدد لا يتجدد). وعلى صعيد الدولة العثمانية خصوصاً: فإن من الأهمية أن يعلم المسلمون أنهم ليسوا خارج حركة التاريخ، وأنهم ليسوا فوق السنن الإلهية في تغيير الأقوام والأمم، صعودا هبوطا، فالقضاء على الدولة العثمانية درس ماثل أمام المسلمين، بأنهم والدول البشرية سواء، فلا دوام لمن يوقف التفاعل مع مستجدات عصره، ولا بقاء لمن يسبقه عدوه إلى مكامن القوة المادية وأسبابها المعرفية والعلمية والصناعية والتكنولوجية والعسكرية. |
---|