المستخلص: |
كان للاتفاقيات التي جاءت في أعقاب الحرب العالمية الأولى آثار متعددة على العالم العربي والإسلامي الذي كان أحد أهم موضوعات العلاقات الدولية في ذلك الحين. وإن عظم التحديات والصعوبات التي تواجه الدول العربية والإسلامية في الوقت الراهن يدفعنا للاستفادة من تجارب الماضي والدروس المستقاة منه. لقد استمرت الحرب العالمية الأولى بين عامي ١٩١٤- ١٩١٨م، وانتهت بفوز دول الحلفاء، وبعد نهاية هذه الحرب، أسرع الحلفاء المنتصرون إلى عقد مؤتمر للسلام في باريس استمر حتى ١٩٢٠م، وقد دامت تلك الاجتماعات حوالي ٦ أشهر بشكل متقطع، وهدفها المعلن هو ((إيجاد حلول)) للمشاكل العديدة المترتبة على الحرب في أوروبا والعالم. ومن أبرز المعاهدات الدولية بعد الحرب العالمية الأولى: معاهدة فرساي بين الحلفاء وألمانيا والتي نصت على عدة بنود، من أهمها: توزيع المستعمرات الألمانية في إفريقيا على الدول المنتصرة في إطار ما سمي بـ ((نظام الانتداب))، وكذلك معاهدة سان جرمان، ومعاهدة سيفر، ومعاهدة لوزان، وميثاق عصبة الأم. تعاملت الدول المنتصرة مع العالم العربي - الإسلامي خلال هذه المرحلة من خلال طرح ((المسألة الشرقية))، و ((مسألة الرجل المريض))، والتي اهتمت بشكل أساس بوضع الإمبراطورية العثمانية التي كانت من بين المهزومين خلال الحرب العالمية الأولى. وارتبطت هده السياسة بإعادة ترسيم توازنات القوة بين الإمبراطورية العثمانية والقوى الكبرى في العالم؛ في ضوء الأوضاع التي أفرزتها الحرب العالمية الأولى. ومن أهم سلبيات معاهدات وتسويات ما بعد الحرب العالمية الأولى: هو الاعتراف بوعد بلفور، وتضمينه في وثائق القانون الدولي. رغم أن هذا الوعد لا يعتبر في نظر القانون الدولي معاهدة دولية؛ لأنه وحيد الطرف ولا قيمة له؛ ولم يكن اتفاقا بين دولتين، وإنما عبارة عن تصريح وحيد الطرف أعطي لشخص ليست له صفه دولية. وأدت تسويات ما بعد الحرب العالمية الأولى إلى إذكاء وتكريس العديد من النزاعات الحدودية والعرقية والإثنية فيما بين الكيانات التي كانت تثقل فيما بينها الدولة العثمانية، كما أثرت معاهدات ما بعد الحرب العالمية الأولى سلبا على الاندماج القومي بين مكونات العالم العربي والإسلامي، وذلك من خلال تغذية الانقسامات العرقية والإثنية.
|