المصدر: | مجلة الفكر العربي المعاصر |
---|---|
الناشر: | مركز الإنماء القومي |
المؤلف الرئيسي: | تحزيمة، محمد (مؤلف) |
المجلد/العدد: | مج 33, ع 160,161 |
محكمة: | نعم |
الدولة: |
لبنان |
التاريخ الميلادي: |
2013
|
الصفحات: | 65 - 73 |
رقم MD: | 491913 |
نوع المحتوى: | بحوث ومقالات |
قواعد المعلومات: | HumanIndex |
مواضيع: | |
رابط المحتوى: |
المستخلص: |
تتلخص الأطروحة الأساسية لهذه الورقة في الاعتقاد بأن تاريخ تكون البراديغم الليبرالي انبثق عبر مسار تحول اهتمام الفلسفة السياسية بالإجتماعي على حساب السياسي في حياة الأفراد والمجتمعات. وأن هذا التحول واكبته مجموعة تحولات في كيفيات النظر والتفكير في الوظائف والأدوار التي تلعبها مفاهيم الدولة والقانون والحق والحرية، باعتبارها المفاهيم المؤسسة للتفكير في السياسة والأدوات التي تتأمل من خلالها الفلسفة السياسية الوجود الإنساني وتستوعبه بالدراسة والتحليل. ننطلق، في سبيل إثبات صحة هذا الطرح، من رصد وتجميع مظاهر ما نعتقد أنه يفسر الكيفية والطريقة التي تحولت من خلالها الفلسفة السياسية الحديثة من الاهتمام بالسياسي من غاية إلى مجرد وسيلة، سامحة بتكون البراديغم الليبرالي. إذ لن يكون هذا الرصد ممكنناً، إلا بتعداد الأسباب وكشف مظاهر التحول في مفاهيم الدولة والقانون والحق والحرية والأخلاق، لرصد مظاهر التحول من الاهتمام بالسياسي إلى الاهتمام بالاجتماعي. وسيسمح رصد هذه المظاهر والمؤشرات، بالاشتغال على تاريخ تكون البراديغم الليبرالي كحركة تاريخية، بوضع اليد على مجموع التحولات التي عرفتها الليبرالية منذ ميلادها حتى بناء جهازها المفاهيمي وقيم فكرها، والتي مكنتها من ترسيخ نفسها كواحدة من الفلسفات الأكثر سيادة. لقد حولت الليبرالية الاهتمام من السياسي إلى الإجتماعي حتى تتمكن من إيجاد مكان لها بين الفلسفات. ذلك أن اختزال دور ووظيفة السياسة من غاية إلى مجرد وسيلة كان الطريق الملكي الذي من خلاله استطاع البراديغم الليبرالي ترسيخ نفسه كمذهب سيد حامل لتصور للعالم. لقد عمل هذا المذهب على مراجعة نظام الفكر والعمل وعلاقة الإنسان بالطبيعة بشكل جذري وصارم. إذ استطاعت الليبرالية إخضاع العصور السابقة عليها لمراجعةٍ جذرية، واعتبار التاريخ مجالا لترجمة وتأصيل مشروعيتها وممارسة سيادتها الكاملة فًي جعل مجراه يعمل لصالحها. الأمر الذي آل إلى تميزها وتفردها. تطرح كل محاولة للتأريخ للبراديغم الليبرالي، ضرورة تجاوز مجموعات من الإكراهات والصعوبات. فإذا كان بالإمكان التمييز بين ميلاد الليبرالية كمصطلح، وافق سنة 1823 في معجم كلود بويست، وميلاد الليبرالية كحركة تاريخية خلال القرن السابع عشر، فإن تحديد ماهية الليبرالية تعترضه صعوبة تحديد نقطة بداية ظهور الليبرالية، وضبط الجهاز المفاهيمي المختزل للقيم والثوابت وقيم الفكر الليبرالي، وكذلك النصوص والوثائق المرجعية المؤسسة لهذا المذهب. ولأننا ندرك أن تمخض الليبرالية كحركة ترتبط بمجموع النضالات والمعارك الإجتماعية، التي خاضها الإنسان على امتداد قرون في سبيل تحرره، كما ترتبط، على مستوى الزمن الحديث، بمخاض فكري ساهمت فيه مجموعة من التيارات الفلسفية والدينية والسياسية والاقتصادية. وأن ترسيخ المذهب الليبرالي لسيادته ومشروعيته، كتصور للعالم، تمت من خلال سيرورة غنية بالأحداث السياسية والاقتصادية والإجتماعية، فإننا نتجه في هذا البحث إلى التفكير في جانب محدد من جوانب تكون البراديغم الليبرالي انطلاقاً من لحظة هوبز ولوك، إذ يتعلق الأمر بمحاولة التفكير في الليبرالية كفلسفة للعالم وما تثيره من قضايا شائكة وإشكالات متباينة من حيث الطبيعة في علاقتها بمجال الفلسفة السياسية. نروم إلى التفكير في الطريقة التي أصبحت من خلالها الليبرالية، باعتبارها أنظمة معرفية مرتبطة بعلاقات عميقة ومتداخلة، تنزع نحو التجريد الشامل للوجود. وكيف لم تعد تقبل، كشبكة من المفاهيم المتماسكة والمترابطة، بمفاهيم أخرى لا تنتمي لفضائها المعرفي والوجودي، محددة نفسها كفلسفة، كباقي الفلسفات الأخرى، تكتسح كل الحدود التي قد تفصلها عن ما يغايرها من الفلسفات المختلفة عنها علمياً وإيديولوجيا؟ |
---|