المستخلص: |
الالتزام في اللغة يفيد معنى المصاحبة التي من سماتها الثبات على الشيء واعتناق، وعدم التحول إلى ما سواه أو إلى ما دونه. والالتزام شيء فطري في الإنسان وجزء من مكونات طبعه، ومن يخالف هذا الوضع الطبيعي يكون قد شذ عن طبعه وفطرته التي فطر عليها. ينقسم الالتزام إلى قسمين: التزام داخلي وهو عبارة عن ترجمة ما يدور بداخل النفس البشرية أو الفكر، كذلك كل ما ينبثق عن الروح، وتتبلور هذه التجربة لتجعل الإبداع مميزا شكلا ومضمونا. والتزام خارجي وهو عبارة عن الضوابط والنظم والقيود التي من شأنها ضبط حركة سير الحياة في أي مجتمع من المجتمعات؛ وهذه الضوابط قد تكون اجتماعية أو أخلاقية أو عقدية. وليس هذا من بدع الباحثة ولكن ما يتضمنه البحث من رؤية جديدة لمفهوم الالتزام والإبداع ربما سيكون مما قد ينتظره القارئ من إبداع في هذا المجال. البحث محاولة لتأصيل مفهوم الالتزام والإبداع في جذوره الأولى؛ بدءا بعصر ما قبل الإسلام متمثلا في نموذجي: عنترة بن شداد في فروسيته، وعروة بن الورد في صعلكته التي كانت منهجا اجتماعيا تفرد به عن مجموعة الصعاليك؛ مروراً بعصر صدر الإسلام الأول وكيف كانت بداية الالتزام متمثلة في قوله تعالى: ﴿والشُّعَرَاءُ يَتَّبِعُهُمُ الغَاوُون* أَلَمْ تَرَ أَنَّهُمْ فِي كُلِّ وادٍ يَهِيمُونَ* وأَنَّهُمْ يَقُولُونَ مَا لا يَفْعَلُونَ* إلاَّ الَّذِينَ آمَنُوا وعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وذَكَرُوا اللَّهَ كَثِيرًا وانتَصَرُوا مِنْ بَعْدِ مَا ظُلِمُوا....﴾ ( ) فلق الصبح الذي أضاء بصيرة شعراء الإسلام متمثلة في نموذجي حسان بن ثابت الذي كان لسانه سيف المقال ضد المشركين، وعبد الله بن رواحة الذي كان يمثل الجانب العقدي منطلق التزامه في هجاء الكفار، ومن سار على نهجيهما ككعب بن مالك وغيره من الشعراء؛ حتى أضحى " الالتزام" بمفهوم هؤلاء الشعراء مهادا لشعراء العصور اللاحقة والبحث الذي سيتوزع بين مقدمة ومحورين وخاتمة كفيل بأن يسلط الضوء على أبرز هؤلاء الأعلام الذين أصبح التزامهم إبداعا كالشاعر " إيليا أبو ماضي" و" أبو القاسم الشابي" ومعروف الرصافي ومحمد الفيتوري.
|