ارسل ملاحظاتك

ارسل ملاحظاتك لنا







إشكالية الخطأ والصواب وآثارها الفكرية والروحية في مدرسة القيروان الفقهية: م ق 3 إلى ق 5 هـ

المصدر: أشغال ندوة ثنائية الخطإ والصواب في الثقافة الإسلامية
الناشر: مركز الدراسات الإسلامية بالقيروان
المؤلف الرئيسي: الشوالي، عزوز (مؤلف)
محكمة: نعم
الدولة: تونس
التاريخ الميلادي: 2010
مكان انعقاد المؤتمر: تونس
الهيئة المسؤولة: مركز الدراسات الإسلامية بالقيروان و جامعة الزيتونة
الشهر: أكتوبر
الصفحات: 149 - 174
رقم MD: 500007
نوع المحتوى: بحوث المؤتمرات
اللغة: العربية
قواعد المعلومات: IslamicInfo
مواضيع:
رابط المحتوى:
صورة الغلاف QR قانون

عدد مرات التحميل

20

حفظ في:
المستخلص: إن طرح إشكالية الخطإ في الثقافة الإسلامية في الوقت الراهن لم يأت من فراغ بل أحسب أن ذلك اقتضته مراجعات فكرية وتأثيرات علمية ومنهجية وايديولوجية في بعض الأحيان وهو أمر إيجابي في ظاهره ولكن إلى أي مدى تصمد تلك الإيجابية أمام نتائج تلك المراجعة؟ أولا: هناك موضوع يثير الاهتمام بقوة وعمق في هذه المقاربة المتعلقة بالثقافة الإسلامية وهو المنهج الذي يجب أن تطرق من خلاله الثقافة الإسلامية بخصوصياتها الفكرية و العقدية، وكيف تتجلى الفروق بينها وبين الموضوع المطروح في هذه الندوة العلمية من جهة طبيعة الثقافة الإسلامية فكريا ومنهجيا. هذا الطرح حسب فهمي له قد وضع ضمن استراتيجية مسألتين إحداهما منهجية والثانية فكرية. أما المسألة المنهجية فتتعلق بالية التفكيك والتركيب في صناعة النقد وجعل ذلك يدفع الفعل التقييمى نحو حركة هدم لا حركة بناء. أما المسألة الفكرية فتتعلق بنائية تتصل بالثنائية المطروحة في موضوع الندوة باعتباراها مقابلا فكريا ومنهجيا لما اختصت به الثقافة الإسلامية من وحدة في بنيتها وتوحيد في عقيدتها. فالثنائية كما هو معلوم ليست من مبادىء الثقافة الإسلامية. بل هي فلسفة قديمة جذورها هندية وتجلياتها فارسية. (تؤمن بثنائية الوجود) خير وشر نور وظلمة قوة وضعف وجود وعدم مع إلهين إثنين على الاقل أحدهما للخير والاخر للشر وهذه الثنائية وقع نقدها وهدمها وتجاوزها منذ القديم. أما الثقافة الإسلامية فهي تنبع من صميم الوحدة والتوحيد وتنهض على مقوماتهما الذهنية والروحية والعملية مثل: - مبدأ وحدانية الخالق عز وجل " وَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ " (سورة البقرة الأية 163): - مبدأ وحدة الخلق " اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ " (الزمر/62). " وَاللَّهُ خَلَقَ كُلَّ دَابَّةٍ مِنْ مَاءٍ فَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلَى بَطْنِهِ وَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلَى رِجْلَيْنِ وَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلَى أَرْبَعٍ يَخْلُقُ اللَّهُ مَا يَشَاءُ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ " (النور/45)." وَبَدَأَ خَلْقَ الْإِنْسَانِ مِنْ طِينٍ (سورة السجدة الآية 7) كلكم لآدم وآدم من تراب "( ). - مبدأ وحدة الغاية من الوجود:"وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ "(سورة الذاريات الأية 56). - مبدأ وحدة المال: " كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ " (سورة الرحمن الآية 26)."قُلْ يَتَوَفَّاكُمْ مَلَكُ الْمَوْتِ الَّذِي وُكِّلَ بِكُمْ ثُمَّ إِلَى رَبِّكُمْ تُرْجَعُونَ (سورة السجدة الآية 11 ) . - مبدأ وحدة المعاد : " اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ لَيَجْمَعَنَّكُمْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ لَا رَيْبَ فِيهِ وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ حَدِيثًا (سورة النساء 87) " وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ " (سورة البقرة 281) وغير ذلك من المبادئ التي تأسس لجامع القيمة في الثقافة الإسلامية ،وربما يكون الفصل بين مفاهيم القيمة أمرا أساسيا لأن تناول الثقافة الإسلامية بالنقد هو أفضل عمل يمكن أن يقدم لها في الوقت الراهن ولكن بأي آلة يتم نقدها وغربلتها وتمحيصها بوسائط وأدوات النقد البناء أم بالوسائل المستعارة والأدوات المختلفة عن صميم طبيعتها الفكرية والمنهجية الشيء الذي يجعلها في موقع التشكيك وينزل عليها نظريات غريبة عنها تقع منها موقع معاول الهدم ؟ الهدم يسير وكلفته زهيدة أما البناء فصعب وكلفته باهظة فهل سيضيع إيقاع البناء في ضجيج الهدم ؟ ثانيا: أعتقد أن الإجراء المعياري لإشكالية الخطإ في محل النقد للثقافة الإسلامية محفوف بنتائج بديهية وضرورية تنتج عن ذلك الإجراء كنتيجة مؤكدة له، زمنها على وجه الخصوص تنسيب هذه الثقافة وهذه نتيجة موضوعية بناء على مقدمتها (وهو أمر معروف منذ القدم ولا جديد في طرحه في الوقت الراهن) ولكن هل الثقافة الإسلامية كلها نسبية ؟ لا ننكر أن الاجتهاد الذي يشمل الإنتاج الأدبي والمادي للإنسان في الثقافة الإسلامية هو نسبي بطبيعة الحال، ولكن ما العمل عندما ينكشف لنا الجزء الآخر من هذه الثقافة وهو عقيدة؟ هل العقيدة نسبية أيضا؟ وهل من معنى لهذه الثقافة بمعزل عن العقيدة ؟ فالثقافة الإسلامية بهذا الاعتبار هي ثقافة تفاعلية بين الإنتاج الأدبي والمادي للإنسان وبين العقيدة التي تصدر عنها. ثم إن طرح مسألة تنسيب هذه الثقافة وحلحلة بنيتها وخلخلة سيرورتها عبر تكريس معيار الخط! في نقدها سيفضي في نهاية المطاف إلى ضرورة تجاوز ما لها، ومهما يكن مقدار ذلك فالمعضلة هي لأي مرجعية ولأي ثقافة سيكون التجاوز؟ أي هل على الثقافة الإسلامية حقيقة أن تدع موقعها لثقافة أخرى سواء بصورة جزئية أو بصفة كلية؟ ألفائدة الحداثة مثلا؟ وإذا افترضنا بأن ذلك هو الغاية المقصودة، فهل سيكون ذلك في مجال الإنتاج الأدبي والمادي فقط يعني هل سنتبنى حداثة مؤمنة؟ كيف ذلك والحداثة إذا ما اصطبغت بالخلفية الإيمانية ستكف أن تكون حداثة حسب مفهومها الذي حددته لنفسها بكونها ليست تمثيلا لشيء ولا تكرارا لشيء ولا عوضا عن شيء غيرها إذ تعقل نفسها وتتجاوزها في حرية بحث مستمر دون تمثيل ولا تعويض ولا تكرار. أم سنتقبل الحداثة ونتخلص من الثقافة الإسلامية برمتها؟ إلى أين نسير إذن؟