المصدر: | أعمال ندوة تطور العلوم الفقهية - فقه التوقع |
---|---|
الناشر: | وزارة الأوقاف والشؤون الدينية |
المؤلف الرئيسي: | العلواني، طه جابر (مؤلف) |
محكمة: | نعم |
الدولة: |
سلطنة عمان |
التاريخ الميلادي: |
2009
|
مكان انعقاد المؤتمر: | مسقط |
الهيئة المسؤولة: | وزارة الأوقاف والشؤون الدينية ، سلطنة عمان |
التاريخ الهجري: | 1430 |
الصفحات: | 601 - 656 |
رقم MD: | 500294 |
نوع المحتوى: | بحوث المؤتمرات |
اللغة: | العربية |
قواعد المعلومات: | IslamicInfo |
مواضيع: | |
رابط المحتوى: |
الناشر لهذه المادة لم يسمح بإتاحتها. |
المستخلص: |
بناء على ما اتضح من موازين الوحي، وخصائص أمة التوحيد، ومن المحددات المنهجية اللازمة ثم من تجربة المسلمين الأوائل في الحبشة، نستطيع التوصل إلى الخلاصات التالية: - إن وجود المسلمين في أي بلد غير إسلامي يجب التخطيط له باعتباره وجودا مستمرا ومتناميا، لا باعتباره وجودا طارئا أو إقامة موقتة املتها الظروف السياسية والاقتصادية في العالم الإسلامي. ولا حجة في رجوع المهاجرين من الحبشة؛ لأن الهجرة كانت واجبة في صدر الدعوة، وبناء المجتمع الجديد، ثم سقط ذلك الوجوب بالفتح، كما قال صلي الله عليه وسلم: ((لا هجرة بعد الفتح ولكن جهاد ونية)). كما أن رجوعهم كان مواصلة لهجرة جديدة؛ لأن مكة هي موطنهم. - ينبغي لأبناء الأقليات المسلمة ألا يقيدوا أنفسهم باصطلاحات فقهية تاريخية لم ترد في الوحي مثل: ((دار الإسلام، ودار الكفر أو الحرب)). وعليهم أن ينطلقوا من المنظور القرآني (إِنَّ الْأَرْضَ لِلَّهِ يُورِثُهَا مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ) (الأعراف: 128) (أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ) (الأنبياء: 105). - من واجب الأقليات من المسلمين أن يشاركوا الأكثريات في الحياة السياسية والاجتماعية وما إليها مما لم يمنع الشرع منه مشاركة إيجابية، انتصارا لحقوقهم، ودعما لإخوتهم في العقيدة أينما كانوا، وتبليغا لحقائق الإسلام، وتحقيقا لعالميته. ولقد قلنا: إن ذلك ((من واجبهم))؛ لأننا لا نعتبره مجرد ((حق)) يمكنهم التنازل عنه، أو ((رخصة)) يسعهم عدم الأخذ بها، بل هو واجب على الكفاية وعلى الأعيان. كل منصب أو ولاية حصل عليها المسلمون بأنفسهم، أو أمكنهم التأثير على من فيها من غيرهم، تعتبر مكسبا لهم من حيث تحسين أحوالهم، وتعديل النظم والقوانين التي تمس صميم وجودهم، بل والتي لا تنسجم مع فلسفة الإسلام الأخلاقية. ومن حيث التأثير على القرارات السياسية ذات الصلة بقضاياهم، وربما بقضايا الشعوب الإسلامية الأخرى. - كل ما يعين على تحقيق هذه الغايات النبيلة من الوسائل الشرعية فهو يأخذ حكمها. ويشمل ذلك تقدم المسلم لبعض المناصب السياسية، وتبني أحد المترشحين غير المسلمين- إذا كان أكثر نفعا للمسلمين، أو أقل ضررا عليهم - ودعمه بالمال إذا لزم الأمر، فقد أباح الله تعالى برهم وصلتهم من دون مقابل، فكيف إذا ترتب على ذلك مردود واضح ومصلحة متحققة. وفى تفسير ابن العربى للفظ ((القسط)) ما يمكن الاستئناس به في هذا المجال. إن انتزاع المسلمين لحقوقهم في بلد يمثلون أقلية فيه، وتفاعلهم الإيجابي مع أهل البلد الأصليين، يقتضي منهم تشاورا وتكاتفا واتفاقا في الكليات، وتعاذرا في الجزئيات والخلافيات. ولنا في سلفنا من المهاجرين إلى الحبشة أسوة حين اجتمعوا وتشاوروا حول أمثل الصيغ للرد على الموقف الحرج الذي وضعتهم قريش فيه. - يحتاج أبناء الأقليات المسلمة إلى ترسيخ الإيمان بالله، وتدعيم الثقة في الإسلام، حتى لا يدفعهم التفاعل مع غيرهم إلى تنازلات تمس أساس الدين مجاراة لعرف سائد أو تيار جارف. وفى رفض جعفر السجود للنجاشي. كما فعل خصماه وكما يقضى العرف. أسوة في هذا السبيل. - تحتاج الأقليات المسلمة إلى حسن التعبير عن حقائق الإسلام الخالدة، ونظام قيمه الإنساني الرفيع، كما فعل جعفر في خطبته البليغة التي أوجز فيها أمهات الفضائل الإسلامية، وأوضح الفرق بينها وبين الحياة الجاهلية. وبذلك لا يكسب المسلمون تعاطف الناس فقط، بل يكسبون الناس أنفسهم للالتحاق بركب التوحيد. - إن فن الإقناع وعلم العلاقات العامة لهما دور يحسن الانتباه إليه؛ فالكلام الذي ختم به جعفر خطبته يدخل في هذا السياق: ((خرجنا إلى بلدك واخترناك على من سواك، ورغبنا في جوارك، ورجونا أن لا تظلم عندك أيها الملك)). وبه نختم هذه الملاحظات التي نرجو أن يجد فيها طالب الحق ما يعينه على حسن تصور الحكم الشرعي في هذا الأمر، وتجد فيها الأقليات الإسلامية ما يرفع عنها بعض الحرج عند التفاعل مع الأكثرية في كل ما من شأنه خدمة المواطن المشترك والقضايا المشتركة، ولا يتقاطع مع أحكام شرعية قطعية، ويدفعها إلى مزيد من الإيجابية والتضحية في خدمة الإسلام وإيصال نوره إلى العالمين. بالله تعالى التوفيق، وهو الهادي إلى أقوم طريق. |
---|