ارسل ملاحظاتك

ارسل ملاحظاتك لنا







اثر العلوم الاقتصادية والاجتماعية على فقه الزكاة ومصطلحاته

المصدر: مجلة التنوير
الناشر: مركز التنوير المعرفي
المؤلف الرئيسي: حسن البصري، محمد الامين تاج الاصفياء (مؤلف)
المجلد/العدد: ع 14
محكمة: نعم
الدولة: السودان
التاريخ الميلادي: 2013
الشهر: ديسمبر
الصفحات: 91 - 110
ISSN: 1858-6597
رقم MD: 512843
نوع المحتوى: بحوث ومقالات
قواعد المعلومات: HumanIndex
مواضيع:
رابط المحتوى:
صورة الغلاف QR قانون

عدد مرات التحميل

96

حفظ في:
المستخلص: أسهمت العلوم الاقتصادية والاجتماعية مجتمعة في دراسة وفهم النسيج الاجتماعي للمجتمعات الإنسانية، بما فيها المجتمعات المسلمة مهيئة لها لتكون أكثر استجابة لعوامل التغيير والحداثة. ومؤثرة بالتالي على اجتهادات الفقهاء ومفاضلتهم بين الخيارات الفقهية التي يفرزها مثل ذلك الاجتهاد. بل لقد مضت بعض تلك العلوم الإنسانية خطوات كثيرة إلى الأمام أحياناً من خلال دراسة الآثار الممكنة للتحولات الشخصية والمجتمعية المترتبة عن تبني بعض الخيارات الفقهية، قاصدة بذلك التحقق من الآثار الإيجابية والسلبية لمثل تلك الخيارات، مما مكنها من الإسهام في إيجاد الأساليب والخيارات الملائمة لتدعيم الجوانب الإيجابية ومعالجة الجوانب السالبة بما يفضي إلى تصحيح مسار الإنسان المسلم ومن خلاله المجتمع المسلم ككل انطلاقاً من القاعدة المقاصدية التي تدعو إلى إعمال النظر في المآلات والتوقعات. أما من ناحية المصطلح فقد تفاوتت العلاقة بين مصطلحات فقه الزكاة والمصطلحات المقابلة والرديفة لها المصكوكة في العلوم الاقتصادية والاجتماعية ما بين المترادفات والماسات مساً خفيفاً، وقل فيها التماثل والتطابق، الأمر الذي يوحي بتغرب تلك العلوم عن فقه وواقع الزكاة في المجتمعات المسلمة المعاصرة. فهناك العديد من المصطلحات الزكوية بدءاً بمصطلح الزكاة نفسه وانتهاء بالمفاهيم ذات الدلالات العميقة والمتفردة كالنماء والمال النامي وعروض التجارة وعروض القنية والنصاب.. إلخ، التي لم تجد لنفسها مكاناً بين المفاهيم والمصطلحات المتداولة في العلوم الإنسانية الحديثة، بحيث تحظى بالدراسة والتحليل والتطبيق. لقد مكنت المفاهيم والمعايير والقواعد المحاسبية المعاصرة مثلاً الفقهاء من استخدام المفاهيم والمصطلحات الخاصة بعلم المحاسبة في التعبير عن مدلولات الخيارات الفقهية التي يدعون لتبنيها لتطبيق أحكام الزكاة على أموال المكلفين، كما تعبر عنها القوائم المالية المعاصرة. لكن وعلى الرغم من أن علم المحاسبة هو العلم الأكثر قرباً والتصاقاً بفقه الزكاة ومصطلحاته، إلا أن القراءة المتأنية لتأثيراته على ذلك الفقه ومصطلحاته تظهر أنه العلم الأكثر تشويشاً على المفاهيم الفقهية، بسبب طغيان المصطلحات المحاسبية التقليدية الغربية على المصطلح الفقهي الزكوي، وتغييبه عوضاً عن تبنيه والبنيان عليه. ويعود ذلك الإشكال في المصطلح إلى نشوء معظم مصطلحات علم المحاسبة الحديث في البيئات الغربية الرأسمالية التي لا تمثل الزكاة جزءاً من تركيبتها الثقافية. تلك الثقافة التي تقوم على الضريبة دون غيرها كحقيقة حياة ومؤطرة للعلاقة بين الأفراد والمنشآت من جهة والحكومة المنتخبة المخولة بفرض الضرائب على المجتمع من جهة أخرى. لذلك يصعب القول بتوفير المواعين المالية من قوائم ومفاهيم ومصطلحات محاسبية للأرضية الملائمة التي تتوافق تماماً واحتياجات الفرد المسلم المكلف بالزكاة، أو حتى المؤسسات والهيئات القائمة على أمر الزكاة للإيفاء بالتزاماتهم تجاه تطبيق فريضة الزكاة، دون الحاجة إلى إدخال العديد من التعديلات والتسويات والموافقات هنا وهناك في قائمة الدخل وقائمة المركز المالي. ولا يستطيع المرء أن يجزم في غياب مثل تلك المعالجات بقيام القوائم المالية للمنشآت الخاضعة للزكاة بتوفير الإطار الملائم للتحقق من توفر الأشراط اللازمة لصحة تطبيق فريضة الزكاة وبراءة ذمة المسلم منها. هذا الأمر يؤشر إلى نشوء ظاهرة مقلقة في المجتمعات المسلمة المعاصرة تتمثل في استدعاء فقه الزكاة إلى الواقع المعاصر باستخدام مفاهيم ومصطلحات نشأت بمعزل عن ذلك الفقه، مما ينذر بخطر الوقوع في مفارقة مقصود التشريع. وتكفي المقارنة هنا مع تطبيقات علم التمويل في المجتمعات المسلمة المعاصرة حيث جرى استدعاء الفقه المتعلق بالمال والتمويل وتطبيقه في المؤسسات المصرفية الإسلامية من خلال مواعين تمثلت في المصطلحات الموروثة من ذلك الفقه أولاً، ومن ثم جرى الالتفات والانتقال إلى المصطلحات المعاصرة المستجدة بعد عرضها على قواعد الشريعة وأحكامها. فكانت النتيجة قبول ما توافق منها مع قواعد الشرع، وتعديل ما لزم فيها التعديل والتبديل وفقاً لمطلوبات الشرعية الإسلامية، ورفض العديد منها رفضاً باتاً مع إغلاق الباب تماماً أمام كل محاولات التمويه عليها وإلباسها لباس الشرعية والمقبولية. وأخيراً، فإن ثمة مواضع من مجالات المعرفة الإنسانية يتقدم فيها فقه الزكاة بمفاهيمه الاجتماعية على الإسهامات المفهومية للعلوم الاقتصادية والاجتماعية في هذا المجال. لكن مثل هذا السبق يبقى منزوياً في بطون كتب الفقه الإسلامي بدلاً من أن يجري تبيانه للناس للاستنارة به؛ خدمة للمجتمع المسلم وكافة المجتمعات الإنسانية. وخير مثال لمثل هذه المفاهيم مفهوم أن ينشأ للفقراء في المجتمع حق تلقائي في أموال الأغنياء، ومفهوم الإغناء بالزكاة، ومصطلح مصرف الغارمين كمصرف من مصارف الزكاة وشكل من أشكال التأمين الاجتماعي.

ISSN: 1858-6597

عناصر مشابهة