المستخلص: |
تأسست المدرسة الحديثية الأندلسية في القرن الثالث الهجري بفضل جهود الإمامين الحافظين الشهيرين: بقي بن مَخْلَد القرطبي (ت 276 هـ), ومحمد بن وضاح القرطبي (ت 287 هـ)، فأصبحت الأندلس – بسعيها الحثيث في نشر السنة وتعليمها ومقاومة مناوئيها دار حديث، فكان أن فتحا الباب، ومهدا السبيل لمن جاء بعدهما من المحدثين الأندلسيين، فنبغ في القرن الرابع الهجري الكثير من حفاظ الحديث ورجاله، لعل من أشهرهم قاسم بن أصبغ البياني القرطبي (ت 340 هـ)، ووهب بن مسرة الحجاري (ت 346 هـ), ومَسْلَمَة بن قاسم القرطبي (ت 353 هـ), ومحمد بن أحمد بن محمد بن مفرج الأموي القرطبي (ت 380 هـ)، وغيرهم. ولما كان الإمام أبو عمر أحمد بن سعيد بن حزم الصدفي المنتجيلي (ت 350 هـ) واسطة عقد المحدثين الأندلسيين في القرن الرابع الهجري، ارتأيت الكتابة عن سيرته ومكانته في الحديث وعلومه؛ لا سيما وهو أحد المصنفين الأندلسيين الأوائل في علم الرجال؛ إذ ألف كتابه التاريخ ومعرفة المحدثين، وهو كتاب كبير حظي باهتمام المحدثين النقاد بالمشرق؛ كابن دقيق العيد (ت 702 هـ) , والذهبي (748 هـ), وابن حجر (ت 852 هـ)، بل إن الإمام الشهير أبا محمد ابن حزم (ت 456 هـ) قد فاخر به وأثنى عليه في رسالته في ذكر فضائل علماء الأندلس. وسيلتئم هذا البحث بإذن الله تعالى في تمهيد وفصلين وخاتمة، فأما التمهيد فتحدثت فيه عن تاريخ ظهور المدرسة الحديثية بالأندلس، وأثر الإمامين بقي بن مخلد ومحمد بن وضاح في تأسيسها، وسميت أبرز روادها في القرن الرابع الهجري, ونبهت فيه أيضا إلي جهود الأمويين في تشجيع العلم والعلماء، ثم تناولت في الفصل الأول التعريف بالإمام أبي عمر الصدفي المنتجيلي وذكر سيرته ومناقبه، وتطرقت في الفصل الثاني لمكانته في علم الحديث ومنهجه في النقد من خلال كتابه التاريخ، ثم ختمت البحث بخاتمة تتضمن أبرز نتائج البحث وأهم المقترحات والتوصيات, والله الموفق.
|