| المستخلص: |
طالما أن قمة العشرين لا تعترف بالأسباب الجوهرية والعميقة للأزمة الاقتصادية الراهنة، وطالما أنها لا تقر بأنها في الواقع نتاج علة مزمنة في النظام الرأسمالي المعولم، فلا يتوقع منها أن تقدم حلاً ناجعاً لهذه الأزمة. وحتى إذا التزمت الدول الأعضاء فيها بما انتهت إليه من قرارات لتهذيب الرأسمالية والحد من انفلات العولمة -وهو أمر مشكوك فيه تماماً على ما سبق بيانه -فإن ذلك لن يحول دون وقوع أزمات مماثلة في المستقبل وذلك لكون الأزمات من الخصائص البنيوية للرأسمالية. إن العلاج الناجع، هو نفي تناقضات الرأسمالية بإسقاطها وإحلال نظام جديد محلها، ألا وهو النظام الاشتراكي. ولكن الرأسمالية لن تسقط إلا إذا تبلورت قوة اجتماعية تعمل على إسقاطها وتسعى لإقامة مجتمع الاشتراكية. وبناء هذه القوة الاجتماعية وتحويلها إلى قوة سياسية فاعلة تستند إلى دعم جماهيري واسع هو التحدي الحقيقي الذي لم يزل يواجه الحركات اليسارية في الشمال والجنوب على السواء. ولعل نقطة البدء الصحيحة هنا هي تخلص الأحزاب والقوى اليسارية من التشرذم والبعثرة والتشتت، ونبذ الخلافات غير الموضوعية وتجاوز الحساسيات والمصالح الشخصية الضيقة، والاتفاق على برنامج عمل مشترك ومتعدد المراحل، للتقدم نحو بناء الاشتراكية على المدى الطويل، وتوحيد الجهود في سبيل تنفيذه. وفي اعتقادي أن المرحلة الأول لمثل هذا البرنامج في بلادنا، يجب أن تتمثل في النضال من أجل وضع إستراتيجية التنمية المستقلة، أي التنمية المعتمدة على الذات، موضع التطبيق. ومما يعضد هذا الاعتقاد أن تبنى هذه الإستراتيجية لم يعد وقفاً على أحزاب وقوى اليسار، بل إنه صار محل توافق طيف واسع من المفكرين والناشطين العرب ذوي التوجهات السياسية المختلفة الذين أجروا حوارات معمقة على امتداد ما يقرب من عشر سنوات –برعاية –مركز دراسات الوحدة العربية في بيروت -حتى توصلوا إلى صياغة المسودة الرابعة للمشروع النهضوي العربي الذي تحتل التنمية المستقلة فيه موقعاً مركزياً.
|
