ارسل ملاحظاتك

ارسل ملاحظاتك لنا







سيكولوجية الطفل المكتفل به

المصدر: من روائع النصوص المغربية - أعمال مهداة إلى الأستاذ محمد مصطفى القباج
الناشر: إتحاد كتاب المغرب
المؤلف الرئيسي: أوزى، أحمد عبدالرحمن (مؤلف)
محكمة: نعم
الدولة: المغرب
التاريخ الميلادي: 2012
مكان انعقاد المؤتمر: الرباط
الهيئة المسؤولة: اتحاد كتاب المغرب و وزارة الثقافة و سسلسلة المعرفة للجميع
الصفحات: 247 - 258
رقم MD: 520574
نوع المحتوى: بحوث المؤتمرات
قواعد المعلومات: AraBase
مواضيع:
رابط المحتوى:
صورة الغلاف QR قانون

عدد مرات التحميل

182

حفظ في:
المستخلص: إن مجيء الطفل الجديد، الذي يتم التكفل به، إلى الأسرة، يحدث تغييرا كبيرا في المناخ النفسي والاجتماعي السائد بين أفرادها. فهو يتطلب فترة زمنية للتكيف معه، قصد اكتشاف هذا الشخص الجديد والتعامل معه. فإذا كانت مدة الحمل تهيؤ الأبوين لاستقبال الطفل البيولوجي، فإن التكفل كثيرا ما لا يهيأ الأبوين بالقدر الكاف، لاستقبال الطفل المتكفل به، مما يتطلب منهما تغييرا جذريا في شخصيتهما وأساليب سلوكهما للتوافق مع هذا الحدث الجديد. ومن هنا، فإن الأبوين اللذين لم يأنسا في نفسهما هذه القدرة التكيفية، فمن الأفضل عدم زعزعت الطفل في المؤسسة التي آوته. إن الأطفال الذين نشئوا في المؤسسات ولم يحصلوا على علاقات أسرية مع غيرهم لهم مع ذلك حظ العيش في مكان مع أطفال آخرين. إنهم لم يعرفوا أبويهم البيولوجيين الحقيقيين، ولكنهم جاهزون ليحبوا ويرتبطوا بمن يحبهم، شريطة أن يستقبلوا من قبلهم بحرارة ودفء إنسانيين، أي في مركز حيوي ونشط يقبلهم على ما هم عليه من وضع ويحترم ماضيهم. كما يمكن للأطفال المتكفل بهم أن يحسوا بنوع من الغيظ تجاه الآباء الذين يتكفلون بهم فيجعلونهم يتحملون مسؤولية الآباء الذين تخلوا عنهم. فهم يكافئون الآباء على تجارب النضج التي عاشوها مع غيرهم من الآباء أو المرضعات. علينا في نهاية هذا العرض الإشارة إلى أن كل شخص يمر أو يعيش هواما أو تخييلا خلال مرحلة المراهقة، يقوده ذلك إلى الاعتقاد بأنه كان طفلا ضائعا وتم العثور عليه. وليست اللعبة السيئة التي يلعبها بعض الآباء مع أبنائهم عندما يريدون إغاظتهم بقولهم "إننا لسنا أبواك، وإنما وجدناك في سلة الزبال، سوى تعبيرا يكشف عن هذا الهوام، ولو كان بطريقة غير مقصودة، فهو هوام يسكن كل واحد منا حسب ما يزعمه التحليل النفسي ((Soulé. M-Lebovici). ومن هنا، فإنه لا ينبغي والحال هذه عدم ربط هذا التخييل بحقيقة الطفل وواقعه، ومن ثمة إخباره بكيفية مناسبة تتفق ومداركه في فهم واقعه عوض الوصول إليه بطريقة لا تؤكد لأفراد أسرته الجديد نواياهم الحسنة وصدقهم في تنشئته على الصدق والصراحة المتبادلة التي هي عنوان بناء الشخصية السوية. وعلينا مواجهة حقيقة الأطفال المتكفل بهم ومساعدتهم على تحقيق نضج شخصيتهم وإحاطتهم بالرعاية الإنسانية التي يتطلبها ذلك، وعدم النظر إليهم نظرة الشفقة والرحمة بسبب وضعهم الاجتماعي المختلف، وإنما احترام شخصيتهم وتقديرها في ذاتها، مما سيحول آنئذ الشفقة والرحمة الممنوحة إليهم إلى المحبة والتقدير الطبيعيين اللذين يحتاج إليهما كل طفل للنمو السوي. من الأهمية بمكان أن نذكر في النهاية بأن لوسائل الإعلام بصوره المرئية والمسموعة والمقروءة دور كبير في التحسيس والتوعية الثقافية حول طبيعة شخصية هذه الشريحة الاجتماعية من الأطفال وحاجاتها الأساسية للنمو والنضج السوي. كما أن لوسائل الإعلام في المجتمعات الإسلامية مسؤولية إشاعة ثقافة التكافل الإسلامي وفق ما تؤكده المبادئ الدينية والقيم الإنسانية والمواثيق الدولية التي تنص بأن "الطفل، كي تترعرع شخصيته بشكل متكامل ومتناسق، ينبغي أن ينشأ في بيئة أسرية في جو من السعادة والمحبة والتفاهم". مما يفرض المحافظة على حياة الإنسان أفرادا وجماعات، صغارا وكبارا. إن على وسائل الإعلام دور التأكيد على أهمية التخطيط العلمي الموجه إلى الناشئة عموما، العاديين منهم أو ذوي الاحتياجات الخاصة، مما ينبغي معه عدم تغييب التربية الأسرية والتربية الوالدية عن برامجها ورسائلها الإعلامية. فالأطفال هم ثروة كل مجتمع ومستقبله، لذلك يتوجب تربيتهم على أسس تنبني على مرتكزات كفيلة بجعلهم مقتدرين قادرين على التأثير على محيطهم بالفاعلية المطلوبة. ولا يفوتنا هنا التنويه بأهمية مؤسسات المجتمع المدني المختصة في الرعاية الاجتماعية والنفسية ودورها في تحمل أعباء التنشئة الاجتماعية والتربية والتعليم عبر أعمالها التطوعية، لضمان وتلبية متطلبات العيش الكريم للأطفال المتخلى عنهم. فهذه المؤسسات تشكل بحق سداً قوياً ومنيعاً يحول دون تشرد وانحراف وضياع نسبة هامة من هؤلاء الأطفال المتخلى عنهم، الذين يمكن أن يصبحوا بغير رعايتهم والاهتمام بهم، وقوداً للعنف الذي يهدد السلم والأمن الاجتماعي.