ارسل ملاحظاتك

ارسل ملاحظاتك لنا







الشباب العربي بين فكر التراث وعقلية الانترنت

المصدر: شؤون عربية
الناشر: جامعة الدول العربية - الأمانة العامة
المؤلف الرئيسي: أمين، حسين أحمد (مؤلف)
المجلد/العدد: ع 121
محكمة: نعم
الدولة: مصر
التاريخ الميلادي: 2005
الشهر: ربيع
الصفحات: 104 - 115
ISSN: 1687-2452
رقم MD: 55361
نوع المحتوى: بحوث ومقالات
قواعد المعلومات: EcoLink
مواضيع:
رابط المحتوى:
صورة الغلاف QR قانون

عدد مرات التحميل

67

حفظ في:
المستخلص: وإن كان بوسع البعض، وبحق، أن ينسب الفضل في تضييق حدود الشك وتوسيع دائرة الاتفاق على آراء معينة، كتلك الخاصة بنظام الرق، أو حرية المرأة، أو حقوق الإنسان، إلى آخره، إلى الدروس التي استقتها البشرية من وحي تجاربها عبر قرون متتالية، فلا شك أيضا في أنه كان للمبدعين من المفكرين والفلاسفة والأدباء والفنانين يد طولي في هذا المضمار. وفي ظني أن واجب هؤلاء المبدعين تجاه توسيع دائرة الاتفاق قد بات مضاعفا وملحا في هذه المرحلة بالذات من تاريخ العالم، وذلك لسببين: الأول: أن معظم مجالات النشاط البشري في عصرنا هذا، من ثقافية واجتماعية وسياسية وعمرانية واقتصادية، أخذت بمبدأ التخطيط والتوجيه الواعيين ولم تعد تترك للمصادفة أو القدر أو المبادرات العفوية، وقد يري البعض أن تطور المفاهيم والقيم حتمي سواء ساهم فيه المفكرون وخططوا له أم لم يفعلوا، غير أني أعتقد أن هذا التطور إن ترك وشأنه دون تخطيط واع وتوجيه من جانب الصفوة، قد لا يتخذ دائما سمتا إيجابيا محمودا. كذلك فإن التخطيط والتوجيه في مجال القيم والمعتقدات، وفي مجال تكييف الموقف من فكر التراث، ومن الفكر الجديد في عصر المعلومات ومن عقلية الإنترنت، ليسا فقط ممكنين بل ولا غني عنهما في عصرنا هذا بالذات، من أجل الوقوف في وجه المفاهيم الضالة، وتعزيز الاتجاهات المرغوب فيها. إن الإنسانية مقبلة على نظام جديد له مواصفات ومتطلبات شتي، تقتضي غرس مفاهيم ثقافية واجتماعية جديدة، ومبادئ أخلاقية وعمرانية تأخذ المشكلات التي تواجه الجنس البشري بأسره بعين الاعتبار. فإزاء كل ما يشهده عالمنا المعاصر إذن من تغيرات ضخمة متعاقبة، تغدو المشكلة المحورية التي يتحتم على مفكري العالم العربي وأدبائه وفنانيه أن يحلوها مكان الصدارة في قائمة اهتماماتهم هي: هل من المصلحة تكييف المفاهيم والقيم السائدة الآن في العالم العربي وفق الأحوال الحضارية والاجتماعية والبيئية المتغيرة في العالم ككل؟، فإن كانت الإجابة بالإيجاب، انتقلنا إلى التساؤل: كيف؟، وكيف يكون التغيير تغييرا واعيا رشيدا لا عفويا؟ بحيث يوفر الإجابات الواضحة الشافية على الأسئلة الخمسة التالية: -ماهي القيم الأساسية التي ينبغي أن تحكم أي اتجاه إلى التكيف والمواءمة؟ - ماهي طبيعة التغيرات الرئيسية التي يشهدها العالم المعاصر؟ - كيف يمكن مواجهة هذه التغيرات على ضوء القيم الأساسية التي اخترناها؟ - ماهي التعديلات التي ينبغي إدخالها على القيم الأساسية من أجل ضمان كفاءة أكبر في مواجهة التغيرات؟ - ماهي حقائق البيئة المتغيرة التي يمكننا قبولها على ضوء قيمنا العربية أو الإسلامية؟، وماهي الحقائق التي تلزمنا تلك القيم بواجب مقاومتها؟ بمثل هذه المواجهة وحدها يمكننا أن نحول دون نهوض القوي المدمرة الكامنة في مجتمعنا بتكييف طباعنا، وتحديد مصيرنا. وتتمثل أعتي هذه القوى المدمرة في حياتنا المعاصرة في أولئك الرجعيين من أنصار الجماعات الدينية المتطرفة المتزمتة الذين لا يعترفون بقابلية القيم الأخلاقية والدينية والحضارية للتكيف (مع ثبات جوهرها)، ولا يدركون أن الفشل هو مصيرهم المحتوم ما لم يترجموا التجربة الدينية الحقيقة إلى لغة الظروف المستجدة وأن الشلل أو التخريب هو عاقبة كل محاولة لتطبيق الموافق القديمة على هذه الظروف. فالمؤكد عندي هو أنه ما من تعارض على الإطلاق بين التمسك بمفهوم القيم وبين الاستجابة لاحتياجات البيئة الجديدة، وأنه إن كانت الأولي هي الكفيلة بتحديد الهدف النهائي من تصرفات كل ذي دين يأبه له، فإن الثانية تمكنه من المعاصرة، وتحول بينه وبين الانسحاب من التاريخ. لقد كان من حسن حظنا أن ووجهنا بالتحدي الغربي، ثم بالتحدي الإسرائيلي، فأخرجنا الأول من عزلة قاتلة، وأيقظنا الثاني من سبات عميق. وقد خلق التحدي لنا مشكلة حضارية ضخمة. غير أن المشكلة ليست مستعصية على الحل، هي إحدى تلك المشكلات التي وصفها نيتشه بأنها إن لم تقتلنا زادتنا قوة. ولكي لا تقتلنا هذه المشكلة لابد من تضافر خيرة العقول في عاملنا العربي، في كافة المجالات، من أجل رسم معالم وضع جديد، والتخطيط له تخطيطا واقعيا لا هو بالمثالي ولا بالمحافظ، حتي نمكن شبابنا العربي من الجمع بين التوقير لخير الثمرات في فكر التراث، والجوانب الإيجابية لعقلية الإنترنت.

ISSN: 1687-2452

عناصر مشابهة