ارسل ملاحظاتك

ارسل ملاحظاتك لنا







إشكالية الجودة في التربية والتكوين: بعض المحددات والمداخل للإرساء والتطوير

المصدر: مجلة عالم التربية
الناشر: عبدالكريم غريب
المؤلف الرئيسي: فاتحي، محمد (مؤلف)
المجلد/العدد: ع22,23
محكمة: نعم
الدولة: المغرب
التاريخ الميلادي: 2013
الصفحات: 177 - 198
ISSN: 1113-65615661
رقم MD: 574415
نوع المحتوى: بحوث ومقالات
اللغة: العربية
قواعد المعلومات: EduSearch
مواضيع:
رابط المحتوى:
صورة الغلاف QR قانون

عدد مرات التحميل

237

حفظ في:
المستخلص: إلى جانب الجودة في التدبير والانجاز والتحصيل الدراسي، تسعى المنظومات التربوية الحديثة إلى تحقيق المساواة (équité)، من خلال بعدين أسايين هما: تكافؤ الفرص والإدماج (inclusion). ومن تم، فإنها تحرص على ألا يكون الوضع الخاص والمستوى الاجتماعي والانتماء العرقي أو الثقافي حاجزا أمام تحقيق الفرد لطموحاته واستثمار طاقاته في التربوية والتكوين. كما أنها تحرص على تمدرس كافة الأطفال وتزويدهم بالمستوي الأدنى الضروري من المهارات، خاصة في مجال القراءة والكتابة والحساب. وهذان البعدان متفاعلان من أجل التغلب على الفشل الدراسي وتجاوز معيقات الخصاص الاجتماعي، الذي يعد من بين عوامل الفشل الدراسي وسوء اندماج الفرد في محيطه الاقتصادي والاجتماعي. ويمكن توفير الجودة في التربية بمقومات تكافؤ الفرص والادماج في منظومة التربية والتكوين، من خلال المداخل الثلاثة الرئيسية : تصور السياسات العمومية في التربية والتعليم، الممارسات والأنشطة التعليمية التعلمية، الصفية والموازية، وتوزيع الموارد المالية والبشرية. وفي هذا السياق، قامت منظمة التنمية والتعاون الاقتصادي بوضع ست إجراءات عملية، لاعتمادها من طرف الحكومات، حسب المداخل سالفة الذكر؛ من أجل تحقيق المساواة والإدماج في التربية والتكوين. وهكذا، دعت إلى تجنب تكوين أقسام دراسية على أساس نتائج التلاميذ، حيث إن ذلك قد يزيد من الفوارق بين تلاميذ نفس المستوى الدراسي، ويرسخ عدم تكافؤ الفرص وضعف الإدماج. كما دعت إلى التخلي عن التوجيه المبكر للتلاميذ، وتأجيل تصنيفهم حسب الشعب والمسارات حتى نهاية التعليم الأساسي / الإجباري، مع جعل هذا الأخير، أكثر اجتذابا وحفزا لمختلف المتعلمين. في نفس الإطار، يتطلب التغلب على الفشل والهدر المدرسيين لتحقيق المساواة والإدماج، واعتماد مقاربة شمولية لرصد التلاميذ المتعثرين والذين يواجهون صعوبات دراسية أو اجتماعية مستعصية، قصد توفير أشكال الدعم المناسبة، والارتقاء بهم إلى مستوى التحصيل والإنجاز الذي يؤهلهم للنجاح والاستمرار في استكمال مساراتهم الدراسية والتكوينية. كما يتطلب تنويع البرامج والمقررات وجعلها مرنة، وتوفير خدمات الإرشاد والتوجيه، بما يضمن تحسين التحصيل والنتائج الدراسية ويقي، بالتالي، من الفشل والانقطاع عن الدراسة. إلى جانب ذلك، لابد من فتح آفاق التكوين المهني الجيد والمؤهل في وجه التلميذات والتلاميذ الذين تغلب الجوانب العملية على مؤهلاتهم وميولاتهم، والمتوفرون على المهارات والكفايات الضرورية لاستكمال التكوين والتأهيل لمزاولة مهنة معينة. تستند الأنشطة الصفية والموازية إلى حقيقة مفادها، أن التعلم والتكوين لا يتلاءم والتجربة الوحيدة والممارسة الأحادية الجانب، وكذا تحديد اختيارات وتوجهات الحياة المستقبلية بشكل نهائي، في ظل اقتصاد المعرفة المميز لعالمنا الحديث. وقد بينت الدراسات، أن الممارسات المدرسية الصفية والموازية، والعلاقة بين المدرسة وآباء وأولياء التلاميذ، والجماعات المحلية؛ تؤثر على المساواة والإدماج، كمقومات أساسية للجودة؛ ما يجعل ضروريا إرساء علاقة وظيفية بين الأسرة والمدرسة لتضافر الجهود في توفير الدعم اللازم للمتعلمات والمتعلمين. من بين هذه الممارسات، السماح للتلاميذ والتلميذات المتعثرين بتكرار السنة الدراسية، وهو إجراء جد مكلف وغير مجدي في بعض الحالات؛ علما أن تراكم النقص في التعلم والتحصيل، عبر المستويات التعليمية الأساسية، يؤدي إلى الانقطاع عن الدراسة وضعف المؤهلات لولوج تكوين مهني معين

في هذا الصدد، يمكن تحسين التعلم ونتائج التحصيل الدراسي، باعتماد مقاربات التقييم التكويني الذي يتضمن رصد الصعوبات وتشخيصها وتقديم تغذية راجعة مناسبة مع اقتراح أنشطة متنوعة للدعم والتقوية، وترصد المكتسبات في إطار التتبع والمراقبة المستمرة لمستويات التحصيل لدى التلميذات والتلاميذ. ولابد هنا، من الاستعانة بجداول النتائج المحصل عليها في مختلف الاختبارات الصفية والامتحانات الموحدة، لتكوين لوحات للقيادة البيداغوجية، يوظفها المدرسون والإدارة التربوية والأسرة في تتبع نتائج المتعلمين، قصد مساعدتهم وتوجيههم لضمان الجودة في التحصيل. وهنا، يمكن الاستئناس بالطريقة الفنلندية في تخطي صعوبات التعلم، بناء على مجموعة من التدابير والتدخلات البيداغوجية المكثفة الموجهة للمتعلمين الذين يعانون من تأخرات في التعلم ونقص في التحصيل. لكي تنجح هذه التدخلات وغيرها من مقاربات الدعم والتقوية، لابد من تزويد المدرسين بما يحتاجونه من مؤهلات أثناء التكوين الأساس والتكوين المستمر أثناء الخدمة، مع تكثيف التأطير البيداغوجي والإداري؛ بالإضافة إلى دعم الأسر ومحيط المدرسة. ذلك أن المؤسسات التعليمية التي يساهم فيها آباء وأولياء التلميذات والتلاميذ في دعم تعلم أبنائهم وتتبعه بانتظام، تسجل فيها نتائج أفضل على مستوى التحصيل الدراسي. لذلك، ينتظر من المؤسسات التعليمية تكثيف التواصل والتشاور مع الأسر، لاسيما المعوزة منها، من أجل توفير مناخ عائلي فعال وظروف مناسبة للتعلم والتحصيل الجيد. باعتبار جودة التعليم والتكوين رهان حقيق ينبغي ربحه على مختلف مستويات ومكونات المنظومة التربوية، فإنه يتعين توفير أحسن المدرسين وأمتنهم خبرة للمؤسسات التعليمية التي يعاني تلامذتها من صعوبات في التحصيل، خاصة منها تلك الموجودة في المناطق الهامشية والنائية. كما يتعين العمل على تأهيل محيطها الاجتماعي والثقافي من خلال توفير البنيات التحتية والمرافق العمومية الميسرة للتدريس والتعلم. إلى جانب ذلك، يتطلب ربح رهان الجودة إنجاز دراسات تقييمية محلية ووطنية حول الكفايات الدراسية الأساسية للتلميذات والتلاميذ، بغاية قياس مستويات الانجاز والتحصيل الفردية، وكذا المردودية الداخلية والخارجية لكل مؤسسة تعليمية. من هذه المنطلقات، أصبح من المسلمات، أنه لا يمكن تطوير الجودة والرفع منها بأقصى إيقاع ممكن في غياب توفير مؤشرات دقيقة وموضوعية، تكون مبنية على نتائج دراسات تقييمية متنوعة ومنتظمة يخطط لها بشكل يضمن لها التكامل والشمولية على مستوى المنظومة التربوية. ما يعني، أنه بدون هذه الدراسات، ستبقى أهداف الجودة والفعالية والمردودية العالية المتوخاة في إطار نجاعة حقيقية، مجرد حبر على ورق. وفي المقابل، يعتقد أن تكثيف الدراسات التشخيصية والتقييمات المرحلية المندمجة في سيرورة عملية التدريس والتعلم، ستسمح بتحديد مواطن القوة والضعف في التعلمات والمكتسبات، بغاية اتخاذ الإجراءات التصحيحية والداعمة المناسبة؛ خدمة لتكريس الجودة والارتقاء بالمردودية والنجاعة. ولتحقيق ذلك، لابد أن يتوفر لدينا تصور واضح حول كيفية مقاربة إشكالية الجودة ومعالجة قضاياها المختلفة من خلال مختلف مداخل التقييم البيداغوجي والمؤسساتي. كما يتعين علينا، تحديد الأولويات وبناء خطة منهجية فعالة لبلوغ ما نصبو إليه من أهداف وغايات، خاصة من زاوية الجودة والنجاعة. وفي هذ ا السياق، نجد أنفسنا مضطرين للتأكيد على أهمية البرنامج الوطني للتقييم، الذي أعده المجلس الأعلى للتعليم وأنجز الشطر الأول منه بتعاون مع وزارة التربية الوطنية؛ واستنادا إلى خبرة الهيئة الوطنية للتقييم لدى المجلس. ونغتنم الفرصة للإشارة إلى ضرورة استعجال استكمال تطبيق هذا البرنامج، ليشمل كل من التعليم الثانوي التأهيلي وبرامج التكوين المهني. إلى جانب ذلك، ينبغي أن تستمر وزارة التربية الوطنية في مشاركتها في الدراسات الدولية (TIMSS, PIRLS)، مع إدراج مستوى من التعليم الثانوي التأهيلي ضمنها، بما يوفر لمنظومتنا التعليمية إمكانة المقارنة مع منظومات أخرى، متنوعة من حيث السياقات والفعالية والمردودية.

ISSN: 1113-65615661