المستخلص: |
قدم برهان غليون خطاباً متميزاً، كرسه برمته لنقد الحداثة العربية بشكل عام وللدولة العربية الحديثة بشكل خاص، في خضم المراجعة الفكرية الكبرى التي فرضتها شناعة هزيمة حزيران القومية على المفكرين العرب، فشق لنفسه خطاً يتعارض مع التفسيرات السائدة. ووجه، خلافاً للحداثيين الذين أرجعوا الأزمة إلى سيطرة التراث والتقليد، والتراثيين الذين أعادوها إلى تخلي الحداثيين عن التراث والهوية والدين، مبضع نقده إلى استراتيجية التحديث نفسها التي عملت عليها الدولة العربية الحديثة "عملياً" والنخب الحداثوية "نظرياً"، وقادت الجميع إلى كارثة. ضمن غليون مؤلفه الافتتاحي "بيان من أجل الديمقراطية"، الصادر سنة 1978، وكان بمنزلة "حدسه الفكري الأساسي"، جميع موضوعاته النقدية التي وسعها وعمقها في مؤلفاته اللاحقة في جميع الاتجاهات. وقد أرسى وجهة نظر جديدة في الفكر العربي، ما عاد في إمكان الباحثين تجاهلها، لكنها ظلت وجهة نظره يشوبها تأثير "نظرية التبعية" وبقايا المنهج الطبقاوي (التحليل الطبقي) في ما يمس مسألة الديمقراطية.
|