ارسل ملاحظاتك

ارسل ملاحظاتك لنا







المشروعية الدينية كاساس للشرعية الدستورية

المصدر: منشورات مجلة الحقوق - سلسلة الأعداد الخاصة
الناشر: محمد أوزيان
المؤلف الرئيسي: بن المصطفى، عكاشة (مؤلف)
المجلد/العدد: ع2
محكمة: نعم
الدولة: المغرب
التاريخ الميلادي: 2011
الصفحات: 279 - 300
ISSN: 2028-8212
رقم MD: 591086
نوع المحتوى: بحوث ومقالات
اللغة: العربية
قواعد المعلومات: IslamicInfo
مواضيع:
رابط المحتوى:
صورة الغلاف QR قانون

عدد مرات التحميل

68

حفظ في:
المستخلص: إن وفاة الملك الراحل الحسن الثاني الذي كان يستند إلى تأويل خاص للفصل 19 من الدستور المغربي وبالذات لمؤسسة إمارة المؤمنين ، يطرح التساؤل من جديد عن الدلالات القانونية والشرعية لهذا الفصل مع العهد الجديد. هل هي نفس الدلالات ؟ بدو أننا امام استمرارية وقطيعة بخصوص تأويل إمارة المؤمنين. استمرارية من حيث سيطرة المؤسسة الملكية على الكثير من الحقول ومن ضمنها احتكار الحقل الديني كما فعل الحسن الثاني ولكن بتأويل جديد حيث تظهر مؤسسة إمارة المؤمنين كسلطة مضادة للإسلام السياسي ويجعل من المؤسسة الملكية فعالة من جديد وأقوى من السابق. فاستراتيجية إعادة هيكلة الحقل الديني التي أطلقها الملك منذ توليه العرش تؤكد توسيعه لمؤسسة إمارة المؤمنين . فأصبحت المجالس العلمية الإقليمية تحت الإشراف المباشر للملك كأمير للمؤمنين. الجدير بالانتباه حاليا أن المؤسسة الملكية مع الملك محمد السادس لا تستمد مشروعيتها فقط مما هو ديني وتاريخي وتقليدي كما كان الشأن مع الملك الراحل الحسن الثاني ، وإنما أيضا، وهذا هو الجديد، مما هو قانوني أو حقوقي ( احترام حقوق الإنسان ) واجتماعي عبر تقرب الملك إلى الشعب . فزياراته المتعددة والمختلفة إلى جميع أرجاء المملكة حتى تلك التي كانت تعرف بمنطقة السيبا يجعل منه ملكا قريبا من الشعب ويحمل صفة "الملك الشعبي " وهذا يقربنا مما هو معمول به في الدول الغربية حيث رؤساء الدول والوزراء ينخرطون في أوساط الشعب باعتبارهم مواطنين كغيرهم من أفراد الشعب . إن تقرب الملك من الشعب والاهتمام بحاجياتهم الأساسية والملحة لا يرفع عنه الهالة أو الاحترام ، بل بالعكس يقوي من احترام الشعب له وحبه له ومن هنا يصبح حكمه أكثر من أي وقت مضد مشروعا اكثر من الشرعية التي يستمدها من الدستور من خلال منحه صلاحيات واسعة. إن هذه "المشروعية الشعبية " أو "الاجتماعية" تتوازى مع مشروعيته الدينية ويتفوقان على شرعيته الدستورية . تضحي المؤسسة الملكية مع محمد السادس ، في أعين الشعب ، مؤسسة ذات مصداقية وتستحق أن تسند لها كل الصلاحيات الواسعة عل اعتبار أن أغلب المبادرات المهمة على الصعيدين الاقتصادي والاجتماعي تأتي من الملك. لا يهم ، بالنسبة للشعب ، إن كان هذه الصلاحيات الواسعة تمس من جوهر النظام الديمقراطي الذي يستدعي بأن تكون المسؤوليات مقسمة بين رئاسة الدولة والحكومة والبرلمان . فالمهم بالنسبة للشعب أنه بفضل الملك تحققت العديد من المشاريع والمنجزات . فقد كسب محمد السادس إذن نوعا آخر من المشروعية للمؤسسة الملكية عبر سياسة القرب وسياسته الاجتماعية والشعبية . وهذا نوع من المشروعية لا يقصي المشروعيات الأخرى وإنما أضاف إليها مشروعية من نوع آخر وبالتالي أضحت المؤسسة الملكية أقوى من السابق وأقوى حتى من عهد الحسن الثاني . وهكذا يتم تأجيل الحديث عن ملكية برلمانية حيث تعطى صلاحيات كبيرة للحكومة المنبثقة من البرلمان عبر الانتخابات التشريعية ويتم التركيز على ملكية دستورية ولكن هذه المرة ملكية شعبية . وملكية ديمقراطية من نوع خاص. فليست ديمقراطية بالمعنى الكلاسيكي أي برلمانية وإنما ملكية ديمقراطية لاحترامها لحقوق الإنسان ومن ضمنها الحقوق الاجتماعية والاقتصادية وإرساء حقوق المواطنة وديمقراطية رئاسية باعتبار أن رئيس الدولة هو صاحب الصلاحيات الكبرى كما الشأن في الأنظمة الرئاسية . فالديمقراطية لا تعني فقط أن يكون النظام برلمانيا أو لا يكون وإنما قد يكون رئاسيا. استطاع الملك محمد السادس أن يمزج بين المشروعية الدينية والمشروعية الشعبية على اعتبار أن الأولى لا تستقيم إلا من خلال الثانية . فالمشروعية الدينية تستمد أساسها من كون الدين يهتم بالمستضعفين . إن هذا المزج كفيل أن يسحب البساط من الإسلاميين الذين غالبا ما يزاوجون بين التربية الروحية والمسألة الاجتماعية . إن كلا المشروعيتين مكملتين . فالمشروعية الدينية تقود إلى مشروعية شعبية كما أن هذه الأخيرة تدعم المشروعية الدينية . فمحمد السادس يريد إذن إعادة الاعتبار لمشروعية مهمة . إن هذه المشروعية الشعبية المجسدة في الاهتمام بالمسألة الاجتماعية تشكل إحدى آليات الشرعنة القوية . وفعلا فان المسألة الاجتماعية تشكل إحدى رهانات المملكة وإحدى تحدياتها وفي نفس الوقت إحدى مكاسبها حاليا. فالمغرب الذي يحتل مراتب متأخرة حسب مؤشر التنمية ونسبة الفقر والفوارق الاجتماعية والأمية كل هذا يؤثر على استقرار المملكة ويهدد مشروعية المؤسسة الملكية . فالاهتمام بالمسألة الاجتماعية كما يحدث مع الملك الحالي تعطيه مشروعية بالفعل وليس فقط نظرية الآتية من الشرعنة الدستورية. يتبين لنا أن المشروعية الدينية التي وظفها محمد السادس ودعمها بالاستناد إلى المشروعية الشعبية والاجتماعية تمنح الاستقرار والقوة للمؤسسة الملكية من مجرد شرعنة منصوص عليها في الدستور وان كانت ضرورية لاحترام القانون . فالدستور قد يصبح آلية للشرعنة أكثر من كونه إطارا لتنظيم الصلاحيات . \

ISSN: 2028-8212
البحث عن مساعدة: 780009