المستخلص: |
تواجه المراجعة ضغوطاً وتحديات بسبب التغيرات السريعة التي يشهدها العالم وتواكب ذلك مع ارتفاع مخاطر المسئوليات القانونية والمهنية, ويستدل على ذلك من كثرة القضايا وصرامة الأحكام القضائية فضلاً عن اختفاء عدد من شركات المراجعة الدولية. وتعزي معظم مشاكل المراجعة إلى إخفاق المحاسبة في مواكبة التغيرات البيئية الداخلية والخارجية بسبب ضخامة حجم العمليات المالية وظهور عمليات جديدة مصحوبة بمشاكل في القياس والإفصاح فضلاً عن استمرار مشاكل القياس المرتبطة بالتكلفة التاريخية والتي أدت إلى اللجوء للقياس بالقيمة العادلة وما يصاحبها من مشاكل أكبر في القياس. ويضاف إلى المشاكل الكامنة في المحاسبة مشاكل عدم الالتزام بكل أدوات الرقابة الداخلية ومشاكل جودة المراجعة. وسعت المنظمات المهنية والأبحاث العلمية والمهنيين إلى مواكبة التغيرات البيئية وابتكار أساليب تمكن المراجع من تحسين جودة المراجعة ومن ثم رفع كفاءتها وفعاليتها. وكان من أبرز هذه الأساليب أسلوب تحليل مخاطر الأعمال والذي يلفت نظر المراجع إلى المناطق عالية الخطر وتكثيف إجراءات المراجعة فيها لاكتشاف ما قد يوجد بها من أخطاء ومن ثم تضييق فجوة المراجعة. ويعتمد مدخل فهم ودراسة خطر الأعمال على دراسة طبيعة نشاط المنشأة و الصناعة التي تنتمي إليها والاقتصاد الذي تعمل فيه. غير أن هذه الدراسة لا تعتمد على منهج فكري واضح وإنما تخضع لاجتهاد المراجع فيما يتعلق بالعناصر التي يراها جديرة بالدراسة أو التي ليس لها أهمية فضلاً عن عدم تطرقها لردود أفعال المنشأة تجاه الخواطر الحتمية, وعلى ذلك اتجهت الكتابات حديثاً إلى منهج دراسة الإستراتيجية والذي يتضمن صياغة واضحة لرؤى وأهداف المنشأة وسيناريوهات التعامل مع المتغيرات البيئية والداخلية ومن ثم قدرة المنشأة على الاستمرار. ويعرف خطر الأعمال في ظل مدخل تحليل الإستراتيجية على أنه احتمال عجز المنشأة عن تحقيق أهدافها والتي تعكسها إستراتيجيتها نتيجة لعوامل داخلية أو خارجية أو بسبب عدم ملائمة الأهداف لمتغيرات البيئة أو موارد المنشأة فضلاً عن احتمال نشوء بعض الضغوط المعاكسة والتي تؤثر سلباً في قدرة المنشأة على الاستمرار مثل الاتجاه نحو تشديد الاشتراطات البيئية. وتعتبر استراتيجية المنشأة عن الكيفية التي يمكن من خلالها المنافسة في ميدان الأعمال في ظل عدم الثبات النسبي للمتغيرات البيئية, وعلى ذلك فإن الإستراتيجية ينبغي أن تكون مرنة وقابلة للتغيير كي تستمر عملية التطابق والتوافق بين رسالة المنظمة والبيئة بصورة مستمرة, ويتطلب ذلك فهم ودراسة وتحليل المتغيرات البيئية التي تعمل فيها المنشأة بصفة مستمرة وتحديد الغرض والتهديدات ونقاط القوة والضعف بما يؤدي إلى إحداث التوازن للاستفادة من الفرص ونقاط القوة وتحجيم التهديدات ونقاط الضعف ومن ثم تحقيق أهداف المنشأة. ويؤدي تحليل المراجع لإستراتيجية المنشأة إلى تفهم العلاقات المحتملة بين إستراتيجية المنشأة والاختيار بين السياسات المحاسبية وعمل التقديرات المختلفة والإفصاح في القوائم المالية. ويؤدي مدخل تحليل الإستراتيجية إلى تحسين دقة تقييم الخطر على كل المستويات التفصيلية ومن ثم توجيه موارد المراجعة نحو المناطق الأعلى خطراً مما يحسن كفاءة وفاعلية المراجعة. ويتميز مدخل تحليل الإستراتيجية بانتظام ومنهجه تجميع المعلومات مما يحسن مستوى وضوحها ويوفر إطاراً فكرياً يتضمن تعريف بالمتغيرات السياسية والقانونية والاقتصادية والاجتماعية والتكنولوجية فضلاً عن العلاقات المتبادلة بينها. كما يوفر تحليل مراحل تشغيل الإستراتيجية صورة واضحة عن أدوات الرقابة التي أقامتها الإدارة لضمان سلامة تنفيذ مراحل تشغيل المنشأة ومدى قدرة هذه الأدوات على درأ المخاطر عند قيامها بعملها. ويرتبط قياس القيمة العادلة في المحاسبة بكفاءة إستراتيجية المنشأة والتي تخلق منافع للأصول ومن ثم يؤدي تحليل المراجع لإستراتيجية المنشأة إلى تحسين كفاءته في الحكم على سلامة قياس عناصر القوائم المالية. وتضمنت الدراسة التطبيقية تحليلاً لأثر دراسة الإستراتيجية على عناصر تقييم الخطر على مستوى مراحل تنفيذ الأعمال, حيث تم تزويد كل مشارك بوصف لحركة ومراحل توزيع العميل المفترض في الحالة, ثم أجرى كل مشارك تقييماً لخطر المراجعة, ثم تم تسليم المشاركين إستراتيجية أعمال المنشأة وطلب منهم عمل تقييم لخطر المراجعة وأظهرت النتائج أن تقييم محتوى ومراحل تشغيل الإستراتيجية يؤدي إلى تحسين دقة تقييم خطر احتواء القوائم المالية على تشويه جوهري وأجرى تحليل ANOVA للانحرافات على مدرج من 7 نقاط لتقييم الخطر الحتمي مقارنة بالمقاييس المرجعية وأيدت النتائج التأثير الجوهري لمحتوى الإستراتيجية ومراحل تشغيلها على تقييم الخطر الحتمي وخطر الأعمال واختيار اختبارات المراجعة. كما أيدت النتائج التأثير الجوهري لتحليل مراحل تشغيل الإستراتيجية على دقة تقييم خطر بيئة الرقابة. وتوافقت اختبارات الفروض مع تنبؤاتها واتضح أن تحليل محتوى ومراحل تشغيل الإستراتيجية يمكن المراجع من تشغيل المعلومات المتعلقة بالبيئة الداخلية والخارجية بشكل يسمح بتقييم خطر الأعمال بدقة تقترب من تقييم الخبراء والتي تمثلت في المقاييس المرجعية مقارنة بالمراجعين الذين اعتمدوا على دراسة وفهم أعمال العميل, وعلى ذلك فإن نتائج البحث تتمثل فيما يلي: أ- لا يعد التحليل الجزئي للإستراتيجية مفيداً مثل التقييم الكامل لها في توليد تقييم دقيق لخطر أعمال العميل. ب- يمثل خطر احتواء القوائم المالية على تشويه جوهري أمراً هاماً بالنسبة للمراجع, وقد أدى تحليل الإستراتيجية إلى إنتاج تقييم أكثر دقة مقارنة بالمقاييس المرجعية وعلى خلاف من أدوا دراسة وفهم لأعمال العميل. وهذه النتيجة تظهر كيف أن تحليل الإستراتيجية يركز انتباه المراجع على الربط بين إستراتيجية العميل كمحتوى لبيئة الصناعة وعلاقتها بالمخاطر المرتبطة بالقوائم المالية.
|