المستخلص: |
يقدم هذا البحث رؤيا تحليلية للقراءات القرآنية تقوم على الآليات التي يعتمدها القارئ في اختيار قراءته. وقد انشغل البحث بالوقوف على الآليات الدلالية السياقية التي تنشأ عنها "القراءات التفسيرية" المرتبطة بما يحتكم إليه القارئ من مقولات دلالية تعتمد التقارب الدلالي أو الترادف المظنون بين الألفاظ، فتضع بين يديه مجموعة من البدائل الدلالية لهذا الدليل اللفظي أو ذاك، فيقرأ انطلاقا من ظنه أن هذا البديل اللفظي أو ذاك يوفر فرصة إقرائية من جهة، ويقدم محاولة تفسيرية من جهة ثانية. وكانت تلك الرؤيا التحليلية في ضوء المقالات الدلالية التي ذكرها أبو عثمان ابن جني تـــــــــ 392 هـــــ في كتابه "المحتسب في تبيين وجوه شواذ القراءات والإيضاح عنها"، فقد وقفت في هذا البحث على طائفة من القراءات القرآنية التفسيرية التي يذكرها ابن جني في هذا الكتاب ويحتج لها، فانتهيت إلى أنه كان كثيرا ما يتوسع في تحليل القراءة، فيعتمد الأصول اللغوية، ويأتي على ذلك بنظائر من اللغة. ووجدته تارة يساوي بين القراءة التفسيرية والاستعمال القرآني بلحاظ المعنى، فيجعلهما بمعنى واحد. وتارة يعتمد السياق القرآني ليعزز موقفه هذا، أو يؤسس لفرق دلالي هنا أو هناك، قد يتخذ منه طريقا لتقوية القراءة الشاذة وتحبيذها. ولما كانت هذه القراءات تمثل قولا تفسيريا للقارىء، صار لزاما علي أن اعرض لهذه القراءات في ضوء تحولات المعنى وتبدلاته من خلال آفاق السياق وموازناته التحليلية، فجاء تحليل هذه القراءات من خلال السياقات التي تستعمل فيها، فاقتضى ذلك اعتماد موازنات تحليلية سياقية. ولما كان كتاب المحتسب أول ما وصل إلينا في هذه القراءات، فإني نظرت في توثيق القراءات من خلال ما وقع بين يدي من معجماتها فظهر أن أصحاب هذه المعجمات لم يذكروا بعض القراءات التي ذكرها ابن جني تارة، وتارة يذكرون القراءة ولم يجعلوا المحتسب من مصادرها، فقمت ببيان ذلك في موضعه. وأهم من هذا أن المحتسب جاء ليمثل درسا لغويا تداوليا لا ينفصل فيه مؤلفه عن الواقع اللغوي الذي أنتج هذه الخاصة الكلامية الإقرائية، فكان يعلق على هذه القراءة أو تلك بأنها مما يتخيره القراء من دون ان يتقيد القراء برواية تعضدها، إذ إنهم يقرؤون انطلاقا من وحدة الدلالات واعتبار المعنى، فيخلد القراء في قراءاتهم إلى اعتبارات دلالية متى ما حصلوها توسعوا في تلك القراءات. ومن جهة أخرى فإن هنالك موقفا لغويا تداوليا مهما صاغه ابن جني وهو يؤلف في القراءات الشاذة انتهى إليه البحث، ذلك بأن اتجاهه نحو هذه القراءات والتأليف فيها يمثل موقفا لغويا وصفيا متقدما، بمعنى أن التفكير اللساني عند ابن جني قد استوعب المنظومة اللغوية على نحو تكاملي ولم ينحسر على المقولات المعيارية. مع لحاظ ان ذلك يمثل موقفا من ثنائية "اللغة" و"الكلام" والتفريق بينهما عند ابن جني، فيأتي توجيهه لهذه القراءات والتأليف فيها مصداقا مهما لهذا التفريق، إن إن القراءات عنده تمثل "الكلام" بلحاظه التداولي، فينتج تفكيرا لسانيا تكامليا يستوعب مستويات الاستعمال اللغوي وفضاءاتها التواصلية بأهدافها التأثيرية فضلا عن أهدافها النفعية.
This research presents an analytical vision based on the mechanisms adopted by the reader when choosing the type of his reading. The research is occupied by revealing the semanticcontextual mechanisms that emerge from it the interpretive readings related to what governs the reader of semantic sayings which depend on the semantic approach submitting a number of alternatives for this verbal evidence or that providing a reading opportunity on one hand and an interpretive attempt on the other. That analytical vision was in the light of the semantic sayings mentioned by Abu Ottman Ibn Jinny in “Al- Muhtasib”. In this research several interpretive Koranic readings mentioned in Ibn Jinny’s book and used as proofs. I reached the result that he always expands his analysis of a reading by adopting linguistic origins. In some parts, I found that he uses the interpretive reading and the Koranic use in the same way in relation to the meaning, and in other parts he adopts the Koranic context to support his attitude or to give a semantic difference here or there taking it as a way for concentrating on the different reading. Since these readings represent an interpretive method for the reader, it is necessary to reveal these readings in the light of the change in meaning through the context and its analytical balance. Therefore, the analysis of these readings came through these contexts in which it is used; hence this demanded contextual analytical balances.
|