المصدر: | المستقبل العربى |
---|---|
الناشر: | مركز دراسات الوحدة العربية |
مؤلف: | بلجيكا. المجموعة الدولية للأزمات (مؤلف) |
المجلد/العدد: | مج37, ع424 |
محكمة: | نعم |
الدولة: |
لبنان |
التاريخ الميلادي: |
2014
|
الشهر: | يونيو |
الصفحات: | 147 - 151 |
DOI: |
10.12816/0021115 |
ISSN: |
1024-9834 |
رقم MD: | 629209 |
نوع المحتوى: | بحوث ومقالات |
قواعد المعلومات: | EcoLink |
مواضيع: | |
رابط المحتوى: |
المستخلص: |
مع اشتداد الحملات الانتخابية التي تسبق الانتخابات البرلمانية المقررة في ٣٠ نيسان/أبريل تأزم الوضع في الفلوجة، إذ أخذ الوضع هناك منحى دراماتيكياً نحو الأسوأ منذ أواخر سنة ٢٠١٣ حين عاد الجيش، بعد غياب طويل، رداً على احتجاجات نظمت في محافظة الأنبار. ومع وصول الجنود إلى ضواحي المدينة، وتشكيل تنظيم "الدولة الإسلامية في العراق والشام" (داعش) الجهادي مجلساً عسكرياً للمدينة في محاولة لإيجاد توازن بين الطرفين، يبدو أن الفلوجة تنتظر تكرار معارك سنة ٢٠٠١ حين شهدت بعضاً من أشدها مع قوات الاحتلال الأمريكية. إن احتمالات الوقوع في خطأ حسابي، أو تصعيد الأمور بشكل محسوب، كبيرة. وقد فات أوان اتخاذ خطوات ربما كانت ستنفس الاحتقان قبل الانتخابات. وأي حل دائم يقتضي معالجة الأسباب الأساسية لتهميش السنة في دولة يشلها على نحو متزايد توترٌ طائفي. إن بروز تنظيم داعش عرض، وليس السبب الرئيسي، للحوكمة السيئة التي هي السبب الأساسي لعدم الاستقرار في العراق. وينبغي للحكومة وللأمم المتحدة والولايات المتحدة التعامل مع داعش على نحو مغاير لتعاملها مع المجلس العسكري ومع الفلوجة ككل، عوضاً عن الجمع بينهما في "حرب" عشوائية "على الإرهاب". بعد أن فضت السلطات المركزية في كانون الأول/ديسمبر ٢٠١٣ اعتصاماً دام سنة كاملة في الفلوجة التي طالبت بغداد بمعاملتها بشكل أفضل، نزل سكان المدينة إلى الشوارع. واستغل تنظم داعش حالة الفوضى التي أعقبت ذلك، ونقل قواته إلى المدينة، وأكد إحكام سيطرته عليها، لكنه كان زعماً مبالغاً فيه إلى حد كبير. فمع أنه رفع أعلامه السود فوق بعض المباني الإدارية في وسط المدينة، لكن السكان المحليين صدوا أغلب غاراته وأرغموه على الانسحاب إلى ضواحي المدينة. لكن الحكومة وجدت ذريعة لشن الحرب، فحاصرت المدينة وتجاهلت محاولات السكان المحليين التوسط لكي يسحب داعش قواته، وهددت بشن هجوم. لم يتحمل سكان الفلوجة تنظيم داعش، لكنهم أشد كراهية كثيراً للجيش العراقي، الذي ينظر إليه على أنه أداة في يد نظام طائفي شيعي توجهه طهران، ومتحامل على السنة بعامة، وعلى الأنبار بخاصة. ربما استطاع المسلحون الجهاديون إبقاء الجيش العراقي بعيداً، لكن وجودهم يثبت زعم الحكومة وقوع المدينة بأكملها في قبضة الجهاديين. والنتيجة هي ترسخ دورة دعم ذاتي، فالنشاط الجهادي يبرر عنف الحكومة، وهذا بدوره يبرر حماية أكبر من جانب الجهاديين. يقدم كل من مقاتلي الفلوجة والسلطات المركزية في بغداد نفسه على أن الوطني الحق في البلاد، ويسخر من الآخر بنعته بالعدو الأجنبي. وقد استفاد تنظيم داعش بتجديد قاعدة دعمه في العراق التي بقيت تتقلص منذ أن انقلبت الصحوة على تنظيم القاعدة في سنة ٢٠٠٦. ومع بروز التنظيم بسبب القتال الدائر في سورية وأسلحته المتفوقة، عاد وأصبح عنصر استقطاب للثائرين في البلاد. توفر الأزمة فرصاً لرئيس الوزراء نوري المالكي في الانتخابات البرلمانية التي بدت كئيبة إلى أن ظهر تنظيم داعش في الصورة. ويعتقد على نطاق واسع أن توليه المنصب مرة ثالثة سيكون كارثة، فاشتداد العنف في مختلف أنحاء البلاد، وإساءات الأجهزة الأمنية، والسيول الهائلة التي عمت العاصمة، وسوء إدارة الحكومة للاحتجاجات السنية، أضرت بصدقيته كزعيم وطني في نظر السنة والشيعة على حد سواء. ولكي يرفع حظوظه، استعار أداة من مخزون أدوات الرئيس السوري بشار الأسد بتضخيم، وبالتالي المبالغة في وصف، التهديد الذي تمثله الفلوجة للاستقرار الوطني. وبالتالي فهي شتتت الانتباه في أكثر من اتجاه، إذ حولت الأزمة إلى فرصة لتعديل أطر الجدال، واستنفرت الشيعة على إرهابيين مزعومين، وزرعت الشقاق في صفوف السنة وحيدتهم، ولمعت صورة الجيش بصفته حامي الدولة والوطن، وعبأت المجتمع الدولي- مع تركيز قصير النظر على الإرهاب الجهادي- طلباً للدعم. إن تنظيم القاعدة خطر حقيقي، ولهذا السبب ينبغي للحكومة تعبئة كافة صور الدعم الذي يمكنها من الحصول عليه. لكن إحدى طرائق القيام بذلك وخفض التوتر في الأنبار هي بالتمييز بين العناصر الناشطة في المحافظة، ولا سيما بين المتمردين المحليين الذين يشتكون من مظالم معينة من جهة، وبين المصالح السياسية وجهاديي تنظيم داعش العابر للحدود الذي تمثل أجندته لعنة على سكان المدينة من جهة أخرى. ومع وجود هوية مشتركة وموحدة وفريدة في الأنبار، ستفضل الفلوجة طرد الجهاديين إذا ضمنت عدم التعرض لهجوم من جانب النظام، أسوة بما حصل قبل نحو عقد حين انضمت الصحوة إلى الحكومة. لكن رئيس الوزراء راهن في سعيه إلى تجديد انتخابه على حملةِ مكافحةِ إرهاب في قالب طائفي سافر تجعل تراجعه أو تراجع أي طرف في الطيف السني أمراً مستبعداً. وقد قاد تحالف "المتحدون" الانتخابي، وهو ائتلاف أكثره من السنة، الاحتجاجات في البداية، إلا أنه يعتبر مصطفاً جزئياً الآن مع الحكومة، وهو ليس أقل استغلالاً لحكاية الإرهاب من الحكومة، وخصومه وخصوم المالكي من السنة سيقاطعون الانتخابات ظنا منهم أنه سيجري التلاعب فيها، وأنهم سيخسرون ولو فازوا. لن تكون الانتخابات البرلمانية نزيهة، ولو في الأنبار على الأقل، لا لأنها ستجرى فيما الأنبار منطقة حربية من الناحية الفعلية وحسب، بل بسبب العنف ومحاربة الإرهاب والتركيز على الأمن، وهي العوامل التي قوضت الانتخابات، وأضحت العناصر المكملة للحوكمة في العراق. والشيء المطلوب هو صياغة ميثاق سياسي جديد، والانتخابات ليست سوى وسيلة للحض عليه. السؤال هو: ماذا سيحصل بعد الانتخابات. ينبغي للحكومة على المدى القصير أن تعمل مع المجلس العسكري للفلوجة، والذي ينبغي له أيضاً السعي إلى ترميم علاقاته بمنافسيه السنة، لطرد تنظيم داعش من المدينة. وعلى المدى الطويل، ينبغي أن ينظر إلى العنف في الفلوجة وفي محيطها على حقيقته: عاقبة العيوب السياسية الكبيرة التي تعانيها الدولة، وليس سببها الرئيسي، وينبغي معالجته على هذا الأساس. وليس هناك وقت أنسب من وقت الانتخابات للبدء بذلك حين تكون المساومات السياسية الشغل الشاغل. |
---|---|
وصف العنصر: |
ترجمة هيئة التحرير |
ISSN: |
1024-9834 |