المستخلص: |
لقد عبرت السلطات المحلية العربية في إسرائيل مسيرة طويلة من المعاناة، جراء سياســة التمييز العنصري للحكومة الإسرائيلية، ما زالت مستمرة حتى اليوم .وكانت هذه جزءا لا يتجزأ من السياســة الرســمية التي نظرت إلى فلســطينيي 48 كمواطنين مؤقتين، لا بد من التخلص منهم. ومن جراء هذه السياسة نشأت هــوة كبيرة ما بــين البلدة العربيــة والبلدة اليهوديــة المجاورة. فالبلــدة اليهودية مبنية بشــكل عصري، ذات بنى تحتية قوية متينة. ونظم حياتية وبيئية تتســم بالجمــال والترتيب والإنــارة الجميلة وملأى بالحدائق. وتحتوي علــى مناطق صناعية تثري السلطة المحلية بالمال وتوفر أماكن العمل. وغنية بالبرامج والمرافق الثقافية والفنيــة الرياضية. فيمــا البلدة العربية تبدو قرى بائســة تعانــي من نقص في الخدمات الأساسية وتفتقر للمناطق الصناعية والحدائق. شوارعها ضيقة. مدينة مثل الناصرة، القائمة منذ ما قبل الميلاد، وتعتبر أفضل البلدات العربية من حيث الخدمات البلدية، يعيش فيها 82 ألف مواطن ومساحة أراضيها 14800 دونم وتفتقر للحدائق ولا توجد فيها منطقة صناعية جدية ولا مســرح، بينما بلدة نتســيرت عيليــت، التي قامت ســنة 1958 على أراضي الناصرة والقــرى المجاورة يعيش فيها 52 ألف نســمة وتقوم على أرض مســاحتها 45 ألف دونم وفيها منطقة صناعية ضخمة وعشرات الحدائق. ولكن المواطنين العرب خاضوا مســيرة موازيــة من النضال وتحقيق الانجازات من خلال التصدي للسياسة الحكومية. إلا أن هــذه الانجازات لم تــرق بالبلدات العربية إلى الحــد الأدنى المطلوب للأجيال الجديدة. والســبب في ذلك لا يعود إلى سياســة التمييز العنصري وحدها، بل إلى فشل القيادات المحلية في إدارة بلداتها بشكل عصري. والكثير من مشاكلها تعود إلى الافتقار للمهنية. وإلى اتباعها نهج انتخاب الرؤســاء والأعضاء على أســس عائليــة وحمائلية وطائفية وفئوية ضيقة ذات اشــكال أخــرى. والأحزاب العربية الوطنية، التي يفترض أن تشــكل بديلا لهذه النظم، تتراجع أكثر وأكثر في تمثيل السكان في قيادات العمل البلدي، كونها لجأت هي الأخرى إلى استخدام العائلية والفئوية. وصار المواطنون يعودون إلى انتخاب ممثلي العائلة. الأمر الذي يتيح تأخير التطور المطلوب والمساس بمسيرة التقدم العصري.
|