المستخلص: |
قام الرسول صلى الله عليه وسلم بعد هجرته إلى يثرب بتغيير أسمها إلى المدينة المنورة التي نورت بقدومه إليها، بعدة تنظيمات كان أبرزها إصداره لصحيفة المدينة، وهي وثيقة نظمت طبيعة العلاقات السياسية والاقتصادية والاجتماعية بين سكان المدينة من مسلمين ومشركين ويهود، وإن خطوة إعلانه للصحيفة عبرت عن كفاءة الرسول صلى الله عليه وسلم السياسية والقيادية في تولي زمام الأمور فيها. كما أن إصداره لهذه الصحيفة هو بمثابة وضع حجر الأساس لبناء دولة جديدة على الصعيد الحضري والاجتماعي، وتعد صحيفة المدينة بحق الدستور الذي يرسم السياسية المستقبلية للدولة الإسلامية وعلاقاتها على الصعيدين الداخلي والخارجي وفق ما جاء في القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة. لأنها ضمنت حرية الأفراد على اختلاف قومياتهم وأعراقهم في العقيدة والعبادة والعمل بمقابل التزامهم بما في تلك الصحيفة من شروط. ونظراُ للإشكاليات التي وقعت من قبل مؤرخينا الرواد والمعاصرين فضلاً عن المستشرقين في تسميتها وتحدي وقت إعلانها واسم كاتبها والأطراف التي دخلت فيها، كان لابد من دراستها دراسة موضوعية دقيقة معززة بالأدلة العقلية والمنطقية، مع تسليط الضوء على أبعادها التاريخية والاجتماعية، والمكاسب التي حققتها عبر مراحلها الزمنية وإلى وقتنا الحاضر، علنا نقدم الفائدة للمسلمين بكشف تلك الملابسات ومن الله التوفيق. الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد المبعوث رحمة للعالمين وعلى آله الطيبين الطاهرين وأصحابه الغر المحجلين ومن سار على هداهم إلى يوم الدين. إن دراسة السيرة النبوية الشريفة تعد الرافد الرئيس لباحثي التاريخ في دراسة تاريخ الدولة العربية الإسلامية في مختلف النواحي الفكرية والسياسية والاجتماعية والاقتصادية، فقد أغنت المؤلفات التي كتبت عن هذه السيرة المكتبات العربية بأمهات الكتب، إذ ابتدأت منذ البعثة النبوية الشريفة في مكة المكرمة وامتدت إلى هجرة الرسول محمد صلى الله عليه وسلم إلى المدينة المنورة، وإنشاء أول حكومة إسلامية مستقلة داخل الجزيرة العربية واستمرت حتى مجيء الخلفاء الراشدين. ونظراً لما لتلك المرحلة من أهمية تاريخية في حياة المسلمين لذا حاولت جاهداً أن أسلط الضوء على بعض منجزات الرسول الأعظم صلى الله عليه وسلم عند هجرته إلى المدينة ألا وهي الصحيفة التي وضعها النبي صلى الله عليه وسلم بين سكان المدينة بوصفها الدستور الذي من خلاله نظم الحياة السياسية والاجتماعية فيها، لتلافي المشاكل التي قد تحصل للمسلمين في موطنهم الجديد، فضلاً عن إيجاد الحلول المثلى لها ليجمع شتات العرب ويوحدهم تحت رايته، فيصحبون القوة الضاربة التي بواسطتها ينشر رسالة السماء، وينشر الأمن والسلم في ربوع الجزيرة العربية. لذلك انطلقتُ في دراستها دراسة موضوعية معززة بالشواهد التاريخية والتوقف على الأبعاد والأهداف التي حققتها في تلك المرحلة الراهنة.
After the Prophet's (Allah's Peace and Blessing be upon him), migration to Medina, he has changed its name to Al-Medina AlMunawara, which has been illuminated by him. He had made many regulations. One of the most prominent of these regulations was the issue of Sahifat AlMedina, which is a document regulated the political, economical and social relationships between the Moslems of Medina, unbelievers and the Jewish. The declaration of this document is a step that expressed the political efficiency and the leadership of the Prophet to handle issues in Medina. The issue of this document is the foundation to build a new state on the urban and social level. This document is considered as the constitution that draw the future policy of the new Islamic State and its relation on the internal and external levels according what is stated in the Holy Quran and the Sunna of the Prophet (enactment). This document has ensured the freedom of the individuals in their doctrine, worship and work against their abidance of what is stated in this document. Because of the obscurities about this document by our pioneer and contemporary historians besides the orientalists to determine its name and the time of its issue and the name of its writer it is inevitable to study this document accurately with the intellectual and logical evidences to throw a light on its historical and social dimensions and the profits that has been achieved through the time till today. We seek to present the benefit to the Moslems to make these obscurities clear.
|