المستخلص: |
إن مرض نقص المناعة المكتسبة والفيروس المسبب له من أخطر الأمراض التي عرفها الإنسان على مر الأزمان, إذ يصاب به ألاف الأشخاص يومياً ويحصد ألاف الأرواح, و لم تسلم منه أية دولة وإن تفاوتت عدد الإصابات من دولة إلى أخرى . وبسبب خطورة هذا المرض وخصوصيته برزت على الساحة بعض المشكلات القانونية في مجال المسؤولية الجزائية الناتجة عن عمليات نقل فيروس نقص المناعة المكتسبة للغير, وذلك نتيجة لعدم وجود نصوص قانونية خاصة تجرم نقل الفيروس . فمن المعروف بأن من يصاب بهذا المرض لا يموت مباشرة بل يتراخى حدوث الوفاة كنتيجة للفعل إلى فترة قد تستغرق خمس عشرة سنة, وعليه يصعب إثبات العلاقة السببية ما بين الفعل والنتيجة, ويصعب معرفة المدة التي تتقادم بها الجريمة. ولا يمكن أيضاً معرفة التكييف الجزائي لنقل عدوى المرض إلى الغير. وللإجابة عن ذلك حاولت هذه الدراسة تطبيق القواعد العامة في التجريم, والعقاب على عمليات نقل فيروس نقص المناعة المكتسبة في التشريع الأردني والتشريعات المقارنة. وقد تناولت هذه الدراسة أساس المسؤولية الجزائية عن عملية نقل فيروس نقص المناعة المكتسبة (الإيدز) إلى الغير, موضحين البعد الطبي والقانوني لمرض نقص المناعة المكتسبة من حيث المقصود بمرض نقص المناعة المكتسبة, وطرق انتقاله وأعراضه , وكيفية حماية التشريعات الجزائية لجسم الإنسان من خطر الفيروس. وما هو التكييف الجزائي لعمليات نقل فيروس نقص المناعة المكتسبة , حيث برزت عدة اجتهادات قضائية وفقهية للإجابة عن ذلك, ومنها الاجتهادات التي حدثت في قضية نقل الدم الملوث في فرنسا , وقضية حقن الأطفال الليبيين بفيروس الإيدز في ليبيا, وبعض الاجتهادات الفقهية في مصر والأردن . ومن ثم تعرضت الدراسة إلى نطاق المسؤولية الجزائية في مجال نقل فيروس نقص المناعة المكتسبة (الإيدز) إلى الغير, من حيث نقل فيروس نقص المناعة المكتسبة بطريق العمد أو الخطأ , موضحين القتل القصد والقتل العمد بفيروس نقص المناعة المكتسبة , والإيذاء الناتج عن الفيروس , ومن ثم القتل والإصابة الخطأ, وتعريض الغير إلى لخطر في مجال عملية نقل فيروس نقص المناعة المكتسبة , ومدى انطباق القواعد العامة على تلك الجريمة. ومن جانب آخر تناولت هذه الدراسة أثر المسؤولية الجزائية في مجال نقل فيروس نقص المناعة المكتسبة, وتحدثت عن أثر المسؤولية الجزائية الوقائي والعقابي والتعويضي. موضحين هنا التدابير العامة والتدابير الخاصة الوقائية لمواجهة عمليات نقل فيروس نقص المناعة المكتسبة, وما يترتب على نقل الفيروس سواء عن خطأ أو عن عمد من جزاءات عقابية, تقع بحق الجاني الناقل للفيروس وكيفية تنفيذ العقوبة بحقه , ومن ثم ماهي مبررات تعويض ضحايا مرض نقص المناعة المكتسبة, وكيفية حصول الضحية على التعويض من صندوق تعويض ضحايا مرض الإيدز, وما هي الشروط التي تنطبق على الضحية التي تحصل على التعويض. وباستقراء نصوص قانون العقوبات الأردني والتشريعات مجال المقارنة ( المصري والليبي والفرنسي), وجدنا إمكانية تطبيقها على عمليات نقل فيروس نقص المناعة المكتسبة, على الرغم من الصعوبات والثغرات القانونية التي نواجهها. وبالتالي لا بد من استحداث تشريعات خاصة تواجه عمليات نقل فيروس نقص المناعة المكتسبة للغير, من الناحية الجزائية بشكل خاص والنواحي القانونية الأخرى بشكل عام, وذلك لتلافي الصعوبات والثغرات القانونية التي نواجهها كتقادم الدعوى الجزائية, وإثبات العلاقة السببية بين الفعل (نقل فيروس نقص المناعة المكتسبة ) ونتيجته .وعلى التشريعات الخاصة المقترحة في هذا المجال اعتبار نقل فيروس نقص المناعة المكتسبة من الجرائم الشكلية التي تكتمل أركانها بمجرد نقل الفيروس دون انتظاراً لحدوث النتيجة.
|