ارسل ملاحظاتك

ارسل ملاحظاتك لنا







أهم التحديات التي تواجه اللغة العربية الفصحى " الواقع و المستقبل "

المصدر: مجلة كلية اللغة العربية
الناشر: جامعة أم درمان الإسلامية - كلية اللغة العربية
المؤلف الرئيسي: عبدالرحمن، محمد غالب (مؤلف)
المجلد/العدد: ع7
محكمة: نعم
الدولة: السودان
التاريخ الميلادي: 2014
الصفحات: 3 - 28
ISSN: 1858-7488
رقم MD: 641804
نوع المحتوى: بحوث ومقالات
قواعد المعلومات: AraBase
مواضيع:
رابط المحتوى:
صورة الغلاف QR قانون

عدد مرات التحميل

95

حفظ في:
المستخلص: اللغة العربية واحدة من أقدم لغات الدنيا وأعرقها، إذ إنها تنتسب لفصيلة اللغات السامية التي انقرض معظمها، أو تنوسي زمانا ثم عاد إلى الحياة كاللغة العبرية. وقد شرف المولى سبحانه وتعالى اللغة العربية بأن جعلها وعاء لرسالة الإسلام، الرسالة الخاتمة الخالدة التي أرسل بها النبي العربي الأمي محمد بن عبدالله عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم. وقد كان هذا الارتباط بين العربية والإسلام من أروع ما تفتقت عنه عبقرية الإسلام، وهو وجه من وجوه إعجازه، حيث تحدى القرآن العرب بأن يأتوا بمثله وهم أهل الفصاحة واللسان، يقول تعالى: (قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآَنِ لَا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا)، ونزل بهم التحدي أن يأتوا بسورة واحدة مثله: (وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ وَادْعُوا شُهَدَاءَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ) فلم يستطيعوا ولن يستطيعوا؛ لأنه منزل من رب العالمين، وكلام رب العالمين لا يتسامى إليه أحد، فأخرج الإسلام العربية من نطاقها الضيق على ألسنة أصحابها إلى مكانها الطبيعي من العقل والفكر. وقد منح هذا الارتباط-بين الإسلام والعربية- اللغة العربية حيوية وقوة جعلاها تربح تلك الجولة من الصراع مع اللغات الأخرى التي انتشرت في بقاعها في العراق، والشام، ووادي النيل، وشمال إفريقيا فاستأثرت بألسنة المتحدثين بهذه اللغات، بل صارت لسانهم الوحيد في الكثير من الأحيان، ولسنا نغالي-بل نقرر واقعا- إذا قلنا إن اللغة العربية غدت في أيام العباسيين اللغة العالمية الأولى، حيث صارت بجانب كونها اللسان القومي لأمة العرب لغة العبادة لملايين المسلمين الذين دخلوا في دين الله أفواجا، وإلى ذلك يشير المستشرق الألماني بروكلمان: "بفضل القرآن بلغت العربية من الاتساع مدى لا تكاد تعرفه أي لغة من لغات الدنيا، المسلمون جميعا يؤمنون بأن العربية هي وحدها اللسان الذي أحل لهم أن يستعملوه في صلواتهم. وبهذا اكتسبت العربية منذ زمان طويل مكانة رفيعة فاقت جميع لغات الدنيا الأخرى". صحيح أن علماء اللغة المعاصرين لا يفرقون بين لغة وأخرى؛ لأنها -عندهم- وسائل للتعبير والتواصل والتفاهم، يقول الدكتور رمضان عبد التواب: "فمع أن اللغة العربية تختلف عن الإنجليزية، وهذه تختلف عن الألمانية، فإن هناك أصولا وخصائص جوهرية تجمع ما بين هذه اللغات كما تجمع بينها وبين سائر اللغات وصور الكلام الإنساني، وهو أن كلا منها لغة أو نظام اجتماعي معين، تتكلمه جماعة معينة بعد أن تتلقاه عن المجتمع وتحقق به وظائف معينة" إلا أن واقع العربية أكسبها نوعا من التميز والفرادة، إذ أكسبتها تجربتها الحضارية على مدى قرون، ثروة هائلة من التراكيب والصيغ والأساليب منحتها قدرة على العطاء والإيحاء ، والتنوع في التعبير. كما أكسبها انتشارها الواسع في بقاع فسيحة من الأرض، وتفاعلها مع جماعات لغوية كثيرة ألونا من الغنى؛ تأثرا وتأثيرا. ولكن هذا الماضي المشرق للغة العربية لم يلبث أن اهتز واستحال إلى ضعف وانكماش. فقد تعرضت العربية خلال القرون الأخيرة إلى كثير من المحن والفتن، أراد لها أعداؤها أن تنكمش وتتقلص وتنسحب في ميادين الحياة المؤثرة فرموها بشتى التهم، وأعملوا فيها كل ما لديهم من معاول هدم، وأدوات تدمير.

ISSN: 1858-7488