المستخلص: |
أن حركة الشعوب تبقى دوما من المعالم البارزة في دعم و تقوية حركات التحرر العالمية المناهضة للاستعمار بشكليه التقليدي و الحديث ، و أن الأنظمة الاستعمارية مهما أتيت من قوة و بطش لا يمكنها من إجهاض رغبة الشعوب المتحررة ، وما مظاهرات جويلية إلا هي إحدى تلك المعالم البارزة في تاريخ الشعب الجزائري ، وهي امتداد طبيعي لحركية المجتمع الجزائري الذي لم يستسلم لقيود فرنسا و ستبقى مظاهرات جويلية حلقة مضيئة في قوة الشارع الجزائري الذي كان دوما مع القضية الوطنية بشقيها السياسي و العسكري ، وهي استمرار للمظاهرات السابقة الرافضة لسياسة الاحتلال بعد تبلور المطالب الوطنية في الجزائر ، وما هذه المظاهرات الشعبية إلا تعبيرا عن التلاحم و التعبئة التي كانت سببا أساسيا في أنجاح الثورة و كسب وتيرة التفاوض الرسمي و الشرعي مع الفرنسيين ، كما أن صدى المظاهرات تجسد من جهة أخرى في تعميق روح الوحدة و الربط بين قيادة الثورة بالقاعدة الشعبية لإحباط جل المشاريع الفرنسية الهادفة إلى فرض التجزئة سواء أكانت ترابية أو فكرية للجزائريين ، كما عبرت المظاهرات أيضا على أن الوطن المسقى بدماء كل الجزائريين لا يمكنه أن يتجزأ مهما تعددت المناورات ، وأن الصحراء الجزائرية هي جزء من الكل ، و أن المساومة حول سياسة الفصل مرفوضة لدى كل الجزائريين ، وأن الجزائر ستبقى رقعة جغرافية موحدة كوحدتها التاريخية والمصيرية . ومن دون شك أن تلك الوقفة الشعبية نفخت من جديد في روح و قوة الثورة ، بل عبرت للعالم أجمع على أن القضية الجزائرية هي قضية الجميع ، وأن الوصول إلى حلها كان عبر مساعي الجميع ، وأن مقولة الشهيد العربي بن المهيدي في اجتماع لجنة 22 كانت حقيقة مفتاح الفرج للقضية الجزائرية ، أليس هو القائل وقتها لجموع الحضور بعدما بدا التخوف لدى البعض عن إمكانية استمرار الثورة و نجاحها بقوله : ساعدوني على إخراج الثورة إلى الشارع ، وأنا أضمن نجاحها ....وقد صدق الرجل ووفق الشعب في خدمة الثورة . كما أن نجاح المظاهرات وسع من أنصار القضية الجزائرية على مستوى العديد من دول العالم ، وعبر الكثير من الزعماء على عدالة المطالب الجزائرية أن الجزائر وحدة ترابية لا تتجزأ ، كل ذلك قلل من حظوظ فرنسا دبلوماسيا و عجل بها إلى الجلوس إلى طاولة التفاوض المباشر و الاعتراف بالمطالب المشروعة للجزائريين .
|