المصدر: | مجلة الفكر العربي المعاصر |
---|---|
الناشر: | مركز الإنماء القومي |
المؤلف الرئيسي: | شليق، محمد (مؤلف) |
المجلد/العدد: | مج35, ع166,167 |
محكمة: | نعم |
الدولة: |
لبنان |
التاريخ الميلادي: |
2015
|
الشهر: | شتاء |
الصفحات: | 45 - 62 |
رقم MD: | 644381 |
نوع المحتوى: | بحوث ومقالات |
اللغة: | العربية |
قواعد المعلومات: | HumanIndex |
مواضيع: | |
رابط المحتوى: |
المستخلص: |
حاول البحث رصد الاشكالات المتصلة باستدعاء نص تاريخ الفلسفة إلى فعل القراءة وما يثيره من إحراج يخص حضور الذاتية المنادية على النص والمستقبلة له، من جهة، ومقتضى الموضعية كشرط للوفاء له، من جهة ثانية، وقد تبين أن قراءة النص التاريخي ليست من قبيل ما يعرف موضوعياً على نحو ما تعرف المواضيع العلمية عبر ضرب من التفسيرية السببية وإنما هو ما يفهم ويؤول لأننا إزاء ذات تقرأ أثرا لذات وليس لموضوع ميت ومحنط، إضافة إلى أن الذات القارئة ليس بإمكانها تجاهل النسبية التي تنبعث من منظوريتها (كوضع تاريخي)، فكل تاريخ هو تاريخ ماض يستدعيه حاضر، بمعنى أن قراءة التاريخ هي بحد ذاتها وضع تاريخي، وهذا أمر يخبر عن مقدار ضروري للذاتية في كل قول عن التاريخ، ذاتية ليست بالمرآة العاكسة أو المتلقي السلبي للنص وإنما ذاتية تتمتع بمسبقاتها الخاصة في الفهم وأفق انتظارها ورهاناتها وطموحاتها ومقاصدها، كل هذا يشكل ضرباً من الأبستيمية الخاصة تكون أرضية للاستقبال والتلقي، ذلك أنه لا وجود لذات تقبل على النص وهي خاوية جوفاء، هذه الأبستيمية الخاصة هي التي مثلت مع أرسطو جهازه المفاهيمي الذي بلور أغلبه في كتاب الميتافيزيقا، فكانت مقاربة تاريخ الفلسفات على أساسه عرضاً ثم نقداً. لقد مثل كتاب (الألف من ميتافيزيقيا أرسطو)، محاولة لا تخلو من الجدة والجدية، فهو إضافة إلى كونه أول مقاربة تاريخية منتظمة ومختصة، كان مصدراً ثرياً للاطلاع على الفلسفة القديمة في تاريخها وتعاقب الأنساق فيها، لكن أمر هذا الكتاب لا يخلو أيضاً من بعض مآخذ جوهرية تتصل بالسياق الذي قرأ وفقه أرسطو الفلسفات وتاريخها، فالسياق كان ممارسة تأويلية ونقدية فيها شيء من التعسف تحكمها خلفيات أرسطية تتعلق أساساً بالتعريف الأرسطي للفلسفة الأولى بما هي بحث في الوجود بما هو وجود، وكشف عن العلل والمبادئ الأولى، ذلك أن أرسطو كان يتقصى التاريخ باحثاً عن مزيد من الإثبات لرؤيته الميتافيزيقية والفيزيقية، إنه كان يبحث عن ذاته بمعنى أن يكون التاريخ مرآة عاكسة للتدرج نحوها، لا بمعنى من يشكل ذاته بالتفاعل مع التاريخ بوصفه تجارب الآخر المختلف. وإن هذا الأمر قد جعل من القراءة الأرسطية قراءة انتقائية واحتوائية، تتعامل مع الأنساق بما هي تشكيلات على المقاس الأرسطي يسهل على الفلسفة الأولى ابتلاعها وهضمها، هذا التشكيل على المقاس يجب أن ينسحب على كل الفلسفات ما قبل الأرسطية ولو أدى الأمر إلى تأويل تعسفي، وذلك أن أرسطو قد أقتحم غصبا الفلسفة البارمنيدية والفيثاغورية والأفلاطونية، مثلاً، ضمن مسار البحث عن العلل برغم أنها تنزاح عن هذا المسار إذ لها مسارها الخاص، وجعل من الأفلاطونية وقفاً على علتين عاجزة عن قول الوجود والحال أن أفلاطون قد أثار إلى جانب العلة المادية والعلة الصورية العلة الفاعلة والعلة الغائية وذلك في محاورة طيماوس خاصة، وهو أمر غفل عنه أرسطو وفق عبارة R.G.Bury في مفتتح نشره محاورة الفيلاب، إضافة على ذلك، التعسف على مقولة المشاركة، إساءة فهم الجدلية الأفلاطونية وتجاهل منزلة الغريب في السفسطائي ودلالتها الفلسفية الحاسمة، كل هذا الذي يمنع الأفلاطونية من التحول إلى قول ماهوي ويجعلها قولاً جدلياُ معترفاً بالتنوع لحظة اعترافه بالوحدة، أهمل وغيب. إننا مع القراءة الأرسطية للتاريخ نكون إزاء جهد تأويلي لكنه ممزوج بتضخيم ذات فلسفية ترى نفسها عقلا كونيا يجسد اكتمال مسار مبحث العلل الذي كانت الفلسفات السابقة شيئاً من تشكلاته، إنه سوق تعسفي للفلسفات كما يرى ريكور حينما يكتب "هذا الإصطفاف الذي لجميع الفلسفات وراء إشكالية وحيدة، أي أيثيولوجيا يبدو على قدر فريد من العسف". وباختصار إن الفلسفة الأرسطية قد قرأت التاريخ حتى تكون هي نهايته. |
---|