ارسل ملاحظاتك

ارسل ملاحظاتك لنا







هابرماس بين العقل التواصلي والفعل التواصلي

المصدر: مجلة الفكر العربي المعاصر
الناشر: مركز الإنماء القومي
المؤلف الرئيسي: مزوز، محمد (مؤلف)
المجلد/العدد: مج35, ع166,167
محكمة: نعم
الدولة: لبنان
التاريخ الميلادي: 2015
الشهر: شتاء
الصفحات: 86 - 90
رقم MD: 644406
نوع المحتوى: بحوث ومقالات
اللغة: العربية
قواعد المعلومات: HumanIndex
مواضيع:
رابط المحتوى:
صورة الغلاف QR قانون

عدد مرات التحميل

164

حفظ في:
المستخلص: إن البديل الحقيقي لفلسفة الذات، إذن ليس هو فلسفة التفكيك، لأن الوجه الآخر للعقل ليس هو اللاعقل. فنقد العقل لا يعني بالضرورة الارتماء في أحضان ما يناقضه، فـــــــــ كانط مثلا انتقد العقل بالعقل. يورد هابرماس موقفا لـــــــــ بوهم Bohme يرى من خلاله أن: "آخر العقل هو الطبيعة، هو جسم الإنسان، هو التخيل، هو الرغبة، هو الإحساسات؛ أو بمعنى آخر هو مجموع هذه الأمور التي لم يستطع العقل أن يستوعبها" . ولذلك فان النقد الذي يوجهه أخلاف نيتشه لتجليات اللوغوس في الغرب يقول هابرماس هو نقد تفكيكي، يركز على الذات المتكلمة والفاعلة، أي الذات المرتبطة بالجسد. وعندما يبين هذا النقد أن هذه الذات لم تعد سيدة نفسها، فإن حصن العقل سيتهاوى لكي يكشف عن فراغ داخلي. وآنذاك لن يتبقى سوى آخر العقل، أي الخارج المتمثل في الرغبة بكل عنفها وعدوانيتها. لذا يستدعي الأمر تدخلا حاسما وقرارا هاما، يقضي بضرورة الانتقال من العقل إلى الفعل، وليس من العقل إلى اللاعقل. وهذا الانتقال هو الذي جعل من هابرماس فيلسوفا وعالم اجتماع في الوقت نفسه: فيلسوف ينظر للعقل التواصلي، وعالم اجتماع يشيد نظرية في المجتمع. وهذا التأرجح بين نظرية فلسفية وأخرى اجتماعية، هو الذي أضفى على مشروع هابرماس سحنة طوباوية. لأن نظرية الفعل التواصلي بما هي نظرية في المجتمع، تعود أصولها إلى نظرية العقل التواصلي بما هي نظرية فلسفية. تفترض نظرية الفعل التواصلي وجود مجتمع ديموقراطي، وفضاء عمومي يتميز بالحرية. وذلك من أجل الوصول إلى نوع من التراضي والتوافق حول أهداف مشتركة، تسمح للمشاركين بكبح أنانياتهم المتمثلة في الحرص على تحقيق غاياتهم الشخصية المحضة، أو قيمهم المحلية الشوفينية، أو استعراض مؤهلاتهم المتفوقة على الغير. وهذه الأغراض العامة هي التي جعلت نظرية هابرماس طوباوية الأبعاد، ما دامت تراهن على ضرورة تحقيق قيم إنسانية عليا وكونية. بيد أن ما يشفع لهذه النظرية هو انخراطها في صنف النظريات الكبرى التي تستهدف التغيير؛ تغيير العقليات والذهنيات قصد تغيير المسلكيات. فما يميز هذا النوع من النظريات هو الدعوة إلى تغيير الكائن، قصد تحقيق الممكن. فهي لا تتحدث عما هو كائن، بقدر تتحدث عما ينبغي أن يكون. هذا هو شأن النظريات الدينية والسياسية والاجتماعية التي تظهر في البداية على شكل أحلام، ثم يتكفل التاريخ بتقرير مصيرها.

عناصر مشابهة