المصدر: | مجلة الممارسات اللغوية |
---|---|
الناشر: | جامعة مولود معمري تيزي وزو - مخبر الممارسات اللغوية |
المؤلف الرئيسي: | أصطيف، عبدالنبي (مؤلف) |
المؤلف الرئيسي (الإنجليزية): | Isstaif, Abdul-Nabi |
المجلد/العدد: | ع4 |
محكمة: | نعم |
الدولة: |
الجزائر |
التاريخ الميلادي: |
2011
|
الصفحات: | 213 - 226 |
DOI: |
10.35269/1452-000-004-009 |
ISSN: |
2170-0583 |
رقم MD: | 648267 |
نوع المحتوى: | بحوث ومقالات |
اللغة: | العربية |
قواعد المعلومات: | AraBase |
مواضيع: | |
رابط المحتوى: |
المستخلص: |
يكتسب الطفل ما يسمى بلغته الأم mother' s tongueمن ثلاثة مصادر رئيسية هي الأسرة والمدرسة (بجميع المراحل فيها: رياض الأطفال، مرحلتي التعليم الأساسي) والمجتمع. ويتم اكتسابه هذا من خلال الأنساق اللغوية patterns التي تجسد مختلف مستويات النظام اللغوي langue، والتي يسمعها بداية من امه وأفراد أسرته الصغرى والكبرى ويحاكيها من خلال عملية تفاعل يومي مع منتجيها في سياقات contexts تتسم في الغالب بالدفء العاطفي والحميمية، وتتزامن مع معززات الاستيعاب والفهم من مثل لغة الإشارة language of signs وغيرها، بعدها يأتي دور المدرسة التي تنمي حصيلة الطفل من هذه الأنساق اللغوية، وتغنيها بمزيد من النصوص المستمدة من الموروث القومي والإنساني من جانب، ومن النصوص الوثيقة الصلة بالواقع المعيش من جانب آخر، لتمضي بعدها إلى مساعدة الطفل في عملية استكشاف ما تستند إليه هذه الأنساق من قواعد نحوية وصرفية تشكل جزءا أساسيا من النظام اللغوي الذي يحكم إنتاج اللغة واستيعابها والتعامل بها، ويتزامن مع هذا الدور المنظم systematic الذي تؤديه المدرسة في عملية اكتساب الطفل للغة تطبيقا ونظرا، الدور المستمر للأسرة والمجتمع اللذين يعززان ما تقدمه المؤسسة التعليمية والتربوية الرسمية أو الخاصة من معرفة لغوية بشكل خاص (ومعرفة عامة شاملة بشكل عام). وإذ يتبنى البحث منظورا تكامليا integrative perspective في تدبر أدوار هذه المؤسسات الثلاث في عملية اكتساب اللغة لدى الطفل العربي فإنه يسعى إلى استكشاف الآليات التي تسهل تكامل الأدوار فيما بينها، وتيسر بالتالي عملية اكتساب هذه الأداة الخطيرة جدا في حياة الطفل -اللغة الطبيعية language natural التي هي في الحقيقة أداة التفكير والتعبير والتواصل مع الآخرين ومع الموروث القومي المدون بهذه اللغة ومواريث "الآخر the other المنقولة إليها من اللغات الأخرى. هل ثمة من داع لمعاودة الحديث عن لغة الطفل واكتسابها والبحث في دور الأسرة والمدرسة والمجتمع في تشكيلها؟ قد يقول قائل: لقد حققت المجتمعات العربية، على تفاوت درجة تطورها، من التنمية في مختلف وجوهها ما يجعل الحديث عن أمر كهذا لغوا لا طائل منه. فالأمية قد اختفت أو كادت تختفي، من هذه المجتمعات، والمدارس الحديثة قد انتشرت في مختلف مرابع الوطن، ومعلمو هذه الأيام أفضل بما لا يقاس من شيوخ الكتاتيب والكتاب ميسور للجميع بأشكال متنوعة، كان مجرد تخيل بعضها ضريا من الإسراف والشطط الخيالي الذي ينسب عادة إلى عوالم السحر والجن، وأجهزة الإعلام المقروءة والمسموعة والمرئية تستعمل اللغة بكفاءة أيما كفاءة، وثورة الاتصالات مست جميع وجوه اللغة العربية ويسرتها، بل إن جل أنظمة التشغيل ومحركات البحث في عالم المعلوماتية غدت ميسورة بالعربية، وبالتالي فإن الأمة قد تجاوزت مشكلات البحث في لغة الطفل والمؤثرات المختلفة في اكتسابها، وهذه المشكلات لا تعدو كونها صفحة من صفحات ماضيها الذي خلفته وراءها مع ما خلفت من مظاهر التخلف الذي عاشته قرونا عديدة، والأمة والحمد لله، تعيش عالم الألف الثالثة بكل ثقة وطمأنينة، بل إنها قوة فاعلة في هذا العالم، تنتمي إليه، وتسهم فيه، وتسعى جاهدة إلى الارتقاء بمختلف وجوه حياة مجتمعاتها، ملبية تطلعات جميع شرائح هذه المجتمعات، ومختلف فئاتها، مقدمة لها جميع ما تصبو إليه. ومع أن هناك من يدافع بحق عن وجهة النظر التي تقدمت، غير عابئ بما تثيره في نفوس المنغمسين في مراقبة الواقع العربي المعاصر من استغراب ربما يصل إلى درجة الاستنكار، فإن ثمة وجهة نظر أخرى تتحدث عن خوف متنام، وبخاصة بين محبي العربية والحريصين عليها، على هذه اللغة في عصرنا هذا، عصر العولمة، بما حققته الاتصالات فيه من ثورة هائلة من جانب، وما تشكله اللغات الأخرى، ولاسيما اللغة الإنجليزية، من جانب آخر، من تهديد لها في مختلف وجوه الحياة العربية، ولاسيما في ميادين التجارة وعوالم المصارف والمال والاتصالات والإعلام والتعليم والبحث العلمي. ويكفي المرء أن يذكر بتنامي عدد الجامعات الخاصة التي تنتشر انتشار الفطر في مختلف الأقطار العربية، والتي تغري شبابنا وأهلهم، بتقليعة استعمال الإنكليزية لغة للتعليم تيسر لحاملي شهاداتها فرص عمل أفضل في عالم أوسع ألغت العولمة معظم حدوده، وما سبق ذلك، وما تزامن معه بعدها، من انتشار للمدارس الخاصة التي تفخر بتعليم أطفالنا اللغات الأجنبية منذ نعومة أظافرهم، وتتقاضى تحت هذه الذريعة ثمنا يتجاوز أحيانا ثلثي دخل الأسرة المتوسطة الحال. والحقيقة أن ثمة من يتحدث عن خطر يحدق بالعربية قد يبلغ في يوم قريب أو بعيد مرتبة التهديد بانقراضها، وقد انقرضت لغات عديدة بإهمال أهلها لها، ومزاحمة غيرها لها في مختلف المجالات، ولينظر أحدنا إلى لغة أطفالنا وإلى ما يعانيه أبناؤنا من مشكلات تعلم لغتهم الأم، حتى بات التفكير في إتقانها: قراءة وكتابة وحديثا أمرا عصيا على أرفع شرائح المجتمعات تعليما. |
---|---|
ISSN: |
2170-0583 |