المستخلص: |
يعتمد العمل الفني على الصورة أساسا في تقديم المعاني والانتقال بها من مرحلة المباشرة الى مرحلة التأثير وهي أساس البناء الشعري والأدبي وعماده الذي يقوم عليه , والصورة من حيث أهدافها ترمي الى التعبير عما يتعذر التعبير عنه ,يعمد إليها الشاعر لعقد الحوار والاتصال مع المتلقي. ولن نتمكن من كشف أسرار الصورة الشعرية إلا اذا تعرفنا على مصادرها ومما لاشك فيه أن شعراء الاندلس قد نحوا منحى الشعراء الذين سبقوهم لاسيما شعراء المشرق لكن لا يعتبر هذا المنهل الوحيد الذي استقى منه شاعرنا- أمية بن عبد العزيز الداني - معاني صوره وأخيلته بل ساهمت مصادر أخرى في تشكيلها وإخراجها في لوحات فنية رائعة منها تجربته الذاتية , فنشأته يتيما فقيرا كان دافعا لانكبابه على الدراسة والتحصيل والتنقل بين الامصار وأعانه في ذلك أيضا تقربه من رجال السلطة واضطلاعه بمختلف الفنون. السجن محنة ومنحة : حيث تمكن شاعرنا من تحويل نقمة السجن إلى نعمة حيث استغلها في طلب العلم بدل ان يبقى مكتوف اليدين يجتر ألامه وينفث أحزانه . ناهيك عن وفاة أمه التي تعتبر من أكبر المصائب والابتلاءات,فوالدته كانت سنده الوحيد وغطاءه مذ صغره والتي هي بمثابة الذكرى الوحيدة من أهله ووطنه. منحت الحياة فرصتها الذهبية للشاعر حيث كان رحيله الى المهدية نقطة انطلاق حقيقة بالنسبة له إذ لاقى هناك الاستقبال الفائق والاعتبار اللائق ولابد أن شهرته كعالم وأديب قد سبقته الى المهدية فضمت له المكانة التي لقيها هناك. وكان لولعه بالموسيقى أثر كبير على شعره فقد انعكست على مقطوعاته,ولا ننسى أثر الطبيعة والبيئة الاجتماعية كيف لا وطبيعة الاندلس الساحرة بجبالها وسهولها وحدائقها الغناء,وكيف لا وهي طبيعة مصر بحضارتها وأصالتها وأهراماتها وما بالك لو كانت هذه الطبيعة هي طبيعة المهدية بسواحلها وحصونها ومنتزهاتها وقصورها , وقد ساهمت هذه المصادر مجتمعة في بروز صور شعري ساحرة منها البلاغية ومنها الوصفية لتعبر عما يختلج في صدر الشاعر وما يدور في مخيلته.
|