المستخلص: |
تعالج الورقة هذه مشكلة الموارد البشرية في ليبيا وعلاقتها بالتنمية المستدامة من خلال التحضر والتخطيط المستقبلي. فالبشر أنواع يشكلون قوة في الدولة، ومقوما أساسيا للبناء والتعمير، ومصدرا للإنتاج والاستهلاك، وهدفا لتنفيذ الخطط المستقبلية، وفي الوقت ذاته يتطلعون للتحضر والرقي من خلال رفع مستوى المعيشة لهم. فالتحضر حالة متقدمة من مراحل التطور التي يشهدها الإنسان، ولا يتأتى التحضر إلا من خلال تطلعات البشر للتطور والتغير من أجل إثبات الذات، ودور الحكومات في ذلك من خلال التخطيط والتنفيذ واستخدام برامج التنمية المستدامة. المجتمع الليبي ذو نشأة بدوية ريفية فقيرة، وعليه فقد تميز بانخفاض مستوى المعيشة من خلال البيئة الطبيعية التي نشأ فيها، فقد استحوذت الصحراء على أكثر من 70% من أرضيه، وتركزت المؤثرات المناخية الإيجابية في مناطق محدودة من الساحل حيث أظهرت مدينتي طرابلس وبنغازي، وساهم الغزو الإيطالي الاستيطاني في تحسن النشاط الزراعي إلا أن أحداث الحرب العالمية الثانية التي دارت معظم أحداث على الأرض الليبية قد كان لها الأثر الأكبر في زيادة التخلف. ساهم اكتشاف النفط وتصديره منذ عام 1961 بدور فعال في تغيير حياة ومستقبل الشعب الليبي من خلال العوائد المالية والاقتصادية المرافقة، فقد شكلت عوائد النفط فرصة ثمينة للنهوض بالدولة، وإحداث التغيير، وتنفيذ الخطط المستقبلية البناءة، وقد بدأت بعض الخطط التنموية قصيرة الأجل في الظهور مع أواخر الستينات، ولكنها لم تستقر لعدم توفر العنصر البشري المؤهل والقادر على تحمل المسئولية، كما طمست فترة زمنية من عمر الشعب الليبي تجاوزت الأربعين سنة لم تحقق فيها مشروعات التنمية البشرية أهدافها، فقد نفذت العديد من المشاريع التنموية التي اعتمدت على مبالغ طائلة من الثروات الليبية دون أن تحدث التغيير والتطوير المنشود للمجتمع الليبي. تعتمد هذه الورقة على بعض مخططات التحضر المستقبلي التي وضعت في ليبيا والتي كان الهدف منها تنمية الموارد البشرية، وتحقيق ما يعرف بالتنمية المستدامة إلا أنها لم تصل إلى المستوى المطلوب.
|