المصدر: | مجلة الفكر العربي المعاصر |
---|---|
الناشر: | مركز الإنماء القومي |
المؤلف الرئيسي: | ميمون، سهيلة (مؤلف) |
المؤلف الرئيسي (الإنجليزية): | Maimoun, Souheila |
المجلد/العدد: | مج35, ع168 |
محكمة: | نعم |
الدولة: |
لبنان |
التاريخ الميلادي: |
2015
|
الشهر: | ربيع |
الصفحات: | 97 - 114 |
رقم MD: | 660110 |
نوع المحتوى: | بحوث ومقالات |
اللغة: | العربية |
قواعد المعلومات: | HumanIndex |
مواضيع: | |
رابط المحتوى: |
المستخلص: |
وانطلاقا من كل ما سبق، يمكن القول إنه بالدخول إلى فضاء المتخيل، والتمرس على إتقان لعبة الرموز، وتفكيك شفراتها، يمكن إضاءة الجوانب الخفية في أعماق كينونة الإنسان، خصوصا ما يتصل منها بالنوازع اللاشعورية، وما يحيط بها من أحلام وآمال وذكريات، ونزعات روحانية، وما يفيض عنها إشراقات صوفية، وومضات دينية. وما يتصل بالمحيط الذي ينخرط فيه أنطولوجيا في ثلاثية أبعاده الاجتماعية والطبيعية والماورائية، إذ إن تفاعله مع هذه الثلاثية الوجودية يحيله إلى تساؤلات عما يصدر عنها من مفارقات، لا يقوى المعقول على الإحاطة بها. ولا سبيل إلى ولوج هذه الفضاءات اللا معقولة للأبنية الأنطولوجية الثلاث إلا بمفاتيح الرموز التخييلية. وأن الدرس الأنثروبولوجي في هذا السياق، يذهب بنا إلى أبعد مما هو أنطولوجي فيما يخص حقيقة الإنسان، حيث يرتد بنا في رحلة خيالية وعبر مركبة المخيلة إلى تاريخية نشأة الإنسان وتطوره، للبحث والتنقيب عن الجذور التخيليية الأسطورية والدينية والفنية، للبنى الاجتماعية والثقافية. كما يفيدنا الدرس الأنثروبولوجي للتخييل، أن ما هو من صميم الإحاطة بلغز الوجود الإنساني، وانتشاره الثقافي، وامتداده وتمدده الحضاري، هو أوسع وأعمق وأبعد مما هو شعوري سيكولوجيا، لأن المراهنة على أونطولوجيا سيكولوجية ليست في الواقع سوى روحانية مغلفة. ومما هو عقلي ومنطقي فلسفيا، لأن الاحتكام إلى الصورنة ليس إلا جفافا وتجفيفا للمفهوم من المعاني الروحية والميتافيزيقية الموصولة بكينونته. ومما هو واقعي سوسيولوجيا، لأن التركيز على أنطولوجيا ثقافية ليست إلا قناعا لموقف يربط الظواهر بعلم الاجتماع، ومما هو حسي تجريبي علميا. ومما هو تجريبي، لأن التجريب أنسب لفحص الأشياء الموضوعية، وبالتالي فهو يخفق في الإحاطة بما هو معياري، والذي هو من صميم الحقيقة الإنسانية. كل هذه المقاربات الاجتهادية في فقه وفهم لغز الوجود الإنساني، هي في النهاية أشكال مختلفة لعقلانية حاولت الغوص إلى جوهر الإنسان، فإذا بها تقع في مطب العوارض والأعراض. في كلمة موجزة يمكن القول إن الدرس الأنثروبولوجي للتخييل، إضاءة لتاريخ الإنسان في أعمق أعماقه الما وراء عقلية، والما قبل تاريخية، وارتداد للديني والأسطوري، اللاهوتي والإحيائي الذي يسكن في البنية العميقة لكينونته، ويتصرف مفردا في مواقفه وتصرفاته. وفي نفس الوقت انفتاح على الحلم الأبدي الواعد والموعود؛ حلم الخلاص، وهو معانقة الأفق الإنساني، الذي تكلم عنه أرسطو في كتابه (الأخلاق إلى نيقوماخس)، حينما قال: الإنسان أفقه الإنسان. والأنثروبولوجيا راهنت على الخيال الرمزي لتمكين الإنسان من بلوغ هذا الأفق. |
---|