المصدر: | مجلة الآداب |
---|---|
الناشر: | جامعة بغداد - كلية الآداب |
المؤلف الرئيسي: | Yaseen, Samir Abd Alwahide (author) |
المجلد/العدد: | ع92 |
محكمة: | نعم |
الدولة: |
العراق |
التاريخ الميلادي: |
2010
|
الصفحات: | 328 - 346 |
ISSN: |
1994-473X |
رقم MD: | 667400 |
نوع المحتوى: | بحوث ومقالات |
قواعد المعلومات: | AraBase, HumanIndex |
مواضيع: | |
رابط المحتوى: |
المستخلص: |
عندما يكون الحاضر مؤلما والمستقبل غير واضح المعالم يتراقص كالسراب أمام عين الناظر لم يبق غير الماضي للأجترار بذكرياته. هذا ما يحاوله جان جاك روسو أن يغذي به أبطاله في روايته هليوييز الجديدة أو جولي (الاسم الثاني لروايته) نسبة إلى بطلة الرواية جولي وهي فتاة شابة تنتمي إلى عائلة أرستقراطية تقع في حب معلمها سانت برو الذي ينتمي إلى عائلة فقيرة ونتيجة للفوارق الطبقية في ذلك القرن (القرن الثامن عشر) التي تمنع من حصول زواج كهذا تتدخل العائلة لتزوج ابنتها من أرستقراطي، من هنا تبدأ المعاناة، معاناة الانفصال بين الحبيبين بسبب الأحكام الاجتماعية فيلجأ الحبيب إلى الذكريات لاسترداد الماضي ليعلن انتصاره على الحاضر المؤلم لطالما الحب باقي والعواطف باقية. بيد أن هذه الذكريات لا تأتي اعتباطا أو مصادفة بل لا بد من محفز حيث للإنسان ذاكرتين الأولى قريبة للتعامل اليومي التي تتلاشى مع مرور الزمن والثانية بعيدة التي يختزنها الإنسان إلى الأبد ولا تخرج إلا بوجود محفز وهي غالبا تخزن الحوادث الممزوجة بمشاعر الإنسان. وروسو قد سبق غيره من الكتاب في هذا الخصوص مثل شاتوبريان ولامارتين وبروست حيث جعل الطبيعة أول محفز. فالحبيب يلجأ إلى الطبيعة ليعيش تفاصيل غرامه مع الأخر بمشاركة الطبيعة التي تحفز أدق التفاصيل في الذاكرة البعيدة وهنا تصبح الطبيعة الصديق الوفي والمعزي للحبيب في آن واحد... ثم تأتي الوحدة بمعناها الإيجابي لا السلبي الذي تكون فيه مصدر كآبة ومعاناة. فالإنسان مع الآخرين ووسط ضجيجهم لا يستطيع استرداد الماضي الشخصي الذي أمضاه مع الحبيب فلابد من أن يكون وحيدا مع الطبيعة لكي يسترجع من جعبة ذاكرته القديمة ما يؤنس به وحشة الحاضر ليعيش ولو للحظات عابرة شيء من البهجة والسرور ... غير أن هذه الذكريات ليست دائما بالسعيدة خصوصا عندما يدرك الحبيب أن هذا الأمر جزء من الماضي وبات في حكم المستحيل في إرجاع عجلة الزمن للوراء لتصبح الذكريات هنا مصدر بؤس وشقاء بعدما كانت مصدر راحة وشفاء.. وهكذا فإن الحاضر بالنسبة لأبطال روسو غير مسيطر عليه ولا يعني لهم شيء ولكن ما أن تدخل الذاكرة على الخط حتى يأخذ قيمته ومعناه لأن الذي يحدد الزمن الحقيقي هو مشاعرهم القبلية لذا فالحاضر ليس له وجود إلا بفضل ذكريات الماضي... أن رواية روسو التي هي عبارة عن رواية مراسلة بين الحبيبين مليئة بالذكريات والأحاسيس الحقيقية التي يشعر بها القارئ على طول أحداثها وهناك الكثير من ذكريات وآلام روسو نفسه التي عبر عنها من خلال أبطاله بصورة شاعرية حالمة لتضفي إليها أجمل المشاهد والعبارات لتشكل جزءا من أدب السيرة الذاتية العالمي. وأخيرا نستنتج أن عملية التذكر مرتبطة بفطرة البشر وتظهر عندما تكون هناك حاجة لتحفيز الذاكرة البعيدة وهي تترجم مشاعرنا وعواطفنا الحالية وتنقلنا من الحاضر إلى الماضي لنحصل أما على سعادة أو على شقاء وفي كلتي الحالتين يعلمنا روسو كيف أن العاطفة بفضل الذكريات تحول اللحظة العابرة إلى خلود |
---|---|
ISSN: |
1994-473X |