ارسل ملاحظاتك

ارسل ملاحظاتك لنا









مشروع السلام الاقتصادي وإعادة إعمار غزة هل ينجحان بحل القضية الفلسطينية ؟

المصدر: شؤون فلسطينية
الناشر: منظمة التحرير الفلسطينية - مركز الأبحاث
المؤلف الرئيسي: سلامة، عبدالغني (مؤلف)
المجلد/العدد: ع258
محكمة: نعم
الدولة: فلسطين
التاريخ الميلادي: 2014
الشهر: خريف
الصفحات: 216 - 232
رقم MD: 670840
نوع المحتوى: بحوث ومقالات
اللغة: العربية
قواعد المعلومات: EcoLink
مواضيع:
رابط المحتوى:
صورة الغلاف QR قانون

عدد مرات التحميل

23

حفظ في:
المستخلص: لا تكمن المشكلة الأساسية في التركيز على الجانب الاقتصادي؛ فالاقتصاد مهم، وتحسين شروط حياة الفلسطينيين أيضا مهم، وهذا من شأنه تثبيت صمودهم، وتمكينهم من بناء أسس دولتهم، كما أن تقوية الاقتصاد الفلسطيني مسألة ضرورية للبدء بالتخلص من التبعية للاقتصاد الإسرائيلي، وهذا بحد ذاته شرط أساسي لإنجاز الاستقلال الوطني؛ ولكن المشكلة هي تغييب المسار السياسي أو تأجيله، إذ أن أي حل لا بد أن يترافق فيه المساران السياسي والاقتصادي. فعلى سبيل المثال، لا تقتصر مشكلة اتفاق باريس على النصوص والثغرات الكثيرة التي يحفل بها البروتوكول؛ بقدر ما ترتبط بمرجعيته السياسية والأمنية؛ بل وأيضا في عدم تطبيق إسرائيل له، وتجاوزه كما يحلو لها. فهذا الاتفاق في الأساس لا يصلح كأساس لبناء وتطوير الاقتصاد الوطني الفلسطيني على طريق التنمية المستدامة، طالما ظلت الترتيبات السياسية والأمنية القائمة؛ ومن هنا يتضح أن عزل المسارات الاقتصادية عن السياسية والأمنية أمر عبثي. كما أن افتراض وجود إمكانية لتطوير علاقات اقتصادية متكافئة وندية بين كيانين أحدهما يحتل الآخر، هو افتراض غير صحيح، ووفق المنطق الإسرائيلي سيكون من السذاجة الافتراض بأن إسرائيل ستسمح للاقتصاد الفلسطيني بأن ينمو ويتطور بشكل طبيعي، بما يمكن الشعب الفلسطيني من الانعتاق من التبعية لها، ويحرره بالتالي من الابتزاز والضغط السياسي؛ فالاقتصاد من وجهة نظر إسرائيل هو أحد ساحات المواجهة مع الفلسطينيين. والهدف من السلام الاقتصادي الذي تقترحه اسرائيل، ليس تطوير القدرات الاقتصادية للشعب الفلسطيني، وإنما تكريس تبعيته للاقتصاد الإسرائيلي. وما يؤكد زيف الدعاية الإسرائيلية بأنها تسعى لإحلال السلام عن طريق تقوية الاقتصاد الفلسطيني؛ أن «نتنياهو» قد جاء إلى الحكم في إسرائيل قبل سبع سنوات، يحمل شعار السلام الاقتصادي، وقدّم خطابا صدّقه الغرب آنذاك مبنيا على هذا الشعار، إلا أنه وعلى أرض الواقع لم يمارس من هذا الشعار ومحتوياته، إلا عكس ذلك الخطاب! فلم نر أي سلام اقتصادي حين كان بإمكانه تنفيذ ذلك، بل رأينا حصارا خانقا، وخطوات متَتالية للتضييق المالي على السلطة الفلسطينية، بحيث لم تتمكن السلطة الفلسطينية من تحقيق أي نمو اقتصادي ملحوظ، يجعل الفلسطينيين يعيشون حالة استرخاء.16 وبالنسبة لإعادة إعمار غزة، فإن فرص نجاح المشروع غير كافية، ففي التقديرات الفنية التي وضعها مختصون في السلطة الفلسطينية، بلغت قيمة تكلفة إعادة الإعمار نحو أربعة مليارات دولار، ولمدة تتراوح من ثلاثة إلى خمس سنوات "بعض التقديرات أشارت إلى 20 سنة"، بينما حصيلة التبرعات في مؤتمر القاهرة بلغت 5.4 مليار دولار، وفي حقيقة الأمر فإن 2.7 مليار دولار فقط "أي نصف التبرعات" ستخصص لمشاريع البناء وإعادة إعمار غزة، بينما النصف الثاني سيخصص لدعم ميزانية السلطة على مدى السنوات الثلاثة القادمة. أي أنه على افتراض وصول كامل مبالغ التبرعات، واستتباب الأمن وتثبيت التهدئة، وعدم عرقلة إسرائيل دخول المواد، وعدم وجود مشاكل داخلية خاصة بين فتح وحماس، وحل الإشكالات العالقة بين الفصيلين، وهذه جميعها تحديات كبيرة ومعيقات خطيرة لا يضمن أحد تذليلها، ولكن حتى مع افتراض تذليلها فإن الأموال المخصصة غير كافية، والفترة المقترحة للبناء طويلة، وهناك عشرات الآلاف من المواطنين بلا مأوى، أو في مساكن مؤقتة غير لائقة، وهؤلاء ليس بوسعهم الانتظار طويلا. وهناك الكثير من المشاكل والتحديات الداخلية التي خلفتها ثلاث حروب مدمرة على القطاع، وسبع سنوات من الحصار، ومن الانقسام، والتجاذبات الداخلية. وهذه أيضا أمور خطيرة، قد تنسف أي حل في أي لحظة، إذا لم يحسن الفلسطينيون إدارة الصراع، وإدارة إعادة الإعمار بالشكل الصحيح والأمثل. ومختصر القول، أن لا أحد يرفض إعادة إعمار غزة؛ بل هو مطلب وطني ملح، وضرورة لا تقبل التأجيل. ولا أحد يكره أن تتدفق الاستثمارات على فلسطين ،وأن يتقوى اقتصادها، ويتخلص من تبعيته للاقتصاد الإسرائيلي، ويمتلك مقومات التنمية المستدامة، بقواه الذاتية، متحررا من الارتهان للدول المانحة، وأن تتحسن ظروف المواطنين المعيشية، وتحل مشكلة البطالة، والفقر، وأن يرتقي مستوى التعليم والخدمات الصحية، والمواصلات، والبنية التحتية... لكن ما يسمى بالسلام الاقتصادي لا يمكن أن يكون بديلا عن السلام الحقيقي والشامل والعادل ،الذي ينشده الفلسطينيون، السلام الذي يعطيهم الحرية والاستقلال، وممارسة حقهم بتقرير مصيرهم، وبناء دولتهم المستقلة ذات السيادة. الذي يتطلب إنهاء الاحتلال كليا، وإزالة المستوطنات، وحل قضية اللاجئين.

عناصر مشابهة