ارسل ملاحظاتك

ارسل ملاحظاتك لنا







الانتفاضة الثالثة هل هي مصلحة وطنية أم مسعى إسرائيلي؟!

المصدر: شؤون فلسطينية
الناشر: منظمة التحرير الفلسطينية - مركز الأبحاث
المؤلف الرئيسي: سلامة، عبدالغني (مؤلف)
المجلد/العدد: ع259
محكمة: نعم
الدولة: فلسطين
التاريخ الميلادي: 2015
الشهر: ربيع
الصفحات: 116 - 131
رقم MD: 670933
نوع المحتوى: بحوث ومقالات
اللغة: العربية
قواعد المعلومات: EcoLink
مواضيع:
رابط المحتوى:
صورة الغلاف QR قانون

عدد مرات التحميل

28

حفظ في:
المستخلص: صار واضحا لدينا أن موقف الشارع الفلسطيني منقسم برأيه وتقديره لإمكانية اندلاع انتفاضة جديدة على الأقل في المدى المنظور، كما هو مختلف برأيه حول جدوى هذه الانتفاضة، ومن الذي سيستفيد منها، ويجيرها لصالحه: الفلسطينيون، أم الإسرائيليون؟! طبعا الخلاف في الرأي مسموح، وهذا بحد ذاته ظاهرة صحية، بل هو ضروري ومفيد قبل الإقدام على مثل هذه الخطوة، ولا يجوز اعتبار أي موقف حالي من قبول أو رفض انتفاضة ثالثة معيارا لوطنية أي طرف؛ من الممكن جدا أن يكون من يرفض اندلاع انتفاضة جديدة اليوم هو أول المدافعين عنها إذا ما اندلعت، وربما يكون أول شهدائها.. كما أنه من الممكن أن يكتفي بعض المتحمسين للانتفاضة بأخذ دور المنظّر والمراقب، دون أن يكلف نفسه عناء شيء، سوى المزايدة.. صحيح أن المقدمات اللازمة لاندلاع انتفاضة متوفرة الآن، لكن أوانها لم يحن بعد، الانتفاضة الشعبية الجارفة ستنشب فقط عندما يلتقي الأمل واليأس معا؛ أي عندما تصل الجماهير إلى مرحلة اليأس من المجتمع الدولي، واليأس من الحلول المطروحة، واليأس من طريقة إدارة الصراع المتبعة، ويلتقي هذا اليأس مع الأمل بإمكانية التغيير، والأمل بأن الحراك الشعبي سيكون في الاتجاه الصحيح وبالأساليب الصحيحة، والثقة بأن هناك قيادة حكيمة ومخلصة ستقود هذه الانتفاضة بطريقة صحيحة، والأمل برؤية النور في آخر النفق المظلم.. حينها فقط سنكون على موعد مع انتفاضة ستقلب الطاولة رأسا على عقب، وستنتزع حقوق شعبنا في الحرية والاستقلال. وعلى ما يبدو أن حالة اليأس متشكلة على أكثر من صعيد، أما الأمل فهو ضعيف في الظرف الراهن، سيما مع رؤية نتائج الثورات الشعبية العربية، أو ما سمي بالربيع العربي، وحالة الفوضى والضعف والتشرذم التي تسود المنطقة العربية. وبالنسبة لمن ينادون بتكرار تجربة الانتفاضة الأولى، وعلى نفس النمط "أي انتفاضة شعبية سلمية"، فإنه من الصعب تكرارها، فهي كانت قائمة على ظرف اجتماعي وسياسي وتنظيمي لم يعد موجودا، بل حل محله واقع جديد ومختلف كليا، ومن ينادي بإمكانية الاستنساخ فإنه عاجز عن فهم ديناميات الظاهرة الاجتماعية، وغير متنبه للمتغيرات الجذرية التي طرأت على المشهد العام. ومن ناحية ثانية، فإن فكرة التظاهرات الموجهة ضد جنود الاحتلال غير ممكنة، كما كان يحدث في داخل المدن والبلدات الفلسطينية، فهؤلاء الجنود باتوا يتواجدون في أماكن يصعب الوصول إليها من قبل المتظاهرين. وبالنسبة للمتخوفين من تكرار أخطاء الانتفاضة الثانية، فلربما أنهم على صواب، سيما وأن التنظيمات الفلسطينية لم تظهر دلائل حقيقية أنها تعلمت الدرس واستخلصت العبر، بل إن واقعا جديدا طرأ، هو الانقسام، وربما هذا الانقسام هو السبب الحقيقي في منع ولادة أي انتفاضة، ومعالجة هذا الانقسام وإنهاؤه كليا هي الأولوية الوطنية، التي تعد شرطا لا بد من تحقيقه قبل التفكير بأي انتفاضة. ومقولة أن السلطة هي التي تقمع المظاهرات، وهي التي تحول دون اندلاع انتفاضة شعبية، مقولة واهية ومتهافتة، ومجرد حجة لمن لا يريد التحرك، أو لمن يسعى لتصفية حسابات حزبية وسياسية مع السلطة. فمع افتراض أن السلطة بالفعل تمنع المظاهرات في بعض المواقع التي تسيطر عليها، والتي لها حساسية خاصة، لكن هنالك عشرات أو مئات المواقع الأخرى التي لا وجود للسلطة فيها، مثل معظم القرى والكثير من المخيمات، وبالقرب من المستوطنات، والشوارع الالتفافية، والحواجز العسكرية الإسرائيلية، وعلى سبيل المثال، إذا منعت السلطة المظاهرات من أمام بيت إيل؛ فهنالك في رام الله تحديدا نقاط اشتباك أكثر أهمية مثل عوفر، وحاجز قلنديا، وحتى حاجز بيت إيل يمكن مهاجتمه من قبل مخيم الجلزون.. وبالطبع هذا ينطبق على غيرها من المواقع في المحافظات الأخرى، وغني عن القول أن اشتعال هذه المواقع "كلها أو معظمها" يكفي لاندلاع انتفاضة كبرى، فيما لو توفرت الإرادة والظروف. ومع ذلك، فإن توفير السلطة لحاضنة الانتفاضة مسألة بالغة الأهمية. وللرد على أصحاب نظرية أن حياة الفلسطينيين تغيرت، وبات كل همهم تحسين مستواهم الاقتصادي فقط، يقول القيادي في فتح سفيان أبو زايدة: «عندما انفجرت الانتفاضة الأولى بشكل مفاجئ كان وضع الشعب الفلسطيني أفضل بكثير مما هو عليه اليوم». ويضيف: «وللتذكير فقط، فقد كان كل الشعب الفلسطيني عبارة عن VIP1، فلم يكن هناك حاجز عسكري واحد، وكان الجميع يدخل بسيارته إلى أي منطقة في فلسطين التاريخية، وكان يعمل في إسرائيل مئات آلاف العمال دون الحاجة إلى ممغنط أو تصريح دخول. وعندما انفجرت الانتفاضة الثانية لم يكن هناك حواجز أو جدار، وكان الاستيطان أرحم بكثير مما هو عليه اليوم».