المستخلص: |
أن هذه الموضوعات التي تناولناها بالدراسة عند ابن تيمية تدلنا على أن ابن تيمية أصبح رائدا في مجال المنهج التجريبي الحسي، وقد أدرك في زمن مبكر، قبل أن تدرك أوروبا ومفكروها قيمة التجربة الحسية، فوسع من مصادر المعرفة، حتى إنه بالغ في المعرفة الحسية كمصدر للمعرفة، وجعل التجربة الحسية من مصادرها أيضا، وفتح الطريق أمام المعرفة الإنسانية لتعزيز التجربة والحس في الوصول إلى المعارف. والغرب تابع ابن تيمية في ذلك، فغنه لم يدخل في عصر النهضة والتقنية والتقدم الحضاري إلا حين كسر المنطق الصوري، وتوجه إلى المنهج التجريبي. ولكن هذه الاستفادة أخذها الغرب من ابن تيمية الذي سبق علمائها بثلاثة قرون، حيث تشير الدراسات إلى استفادة روجر بيكون وهو أستاذ الفلاسفة التجريبيين من ابن تيمية عن طريق التراث الإسلامي الذي وصل أوروبا عن طريق مركز الإشعاع الحضاري في الأندلس. وكان من الممكن أن تنهض الأمة الإسلامية بفكر ابن تيمية ومنهجه التجريبي وتظل ناهضة حتى عصرنا هذا لولا التخلف الذي لحقهم في عصر ابن تيمية، هذا التخلف الذي قطع الطريق على المسلمين أن يستفيدوا من المنهج الحسي التجريبي الذي رسخه ابن تيمية، فالخلافات المذهبية المتعصبة، والمشاحنات السياسية، ساهمت في إخفاء هذا التراث العظيم.
|