المستخلص: |
مم لا شك فيه أن العصر الذي نعيشه هو عصر المعرفة ، و يشهد ثورة تدعى "الثورة المعرفية" التي جاءت بعد الثورتين الزراعية و الصناعية. إذ تحظى تلك الثورة باهتمام كبار منظري الإدارة و مفكريها و ممارسيها. فقد جاء هذا الاهتمام عبر مقولتهم في هذا الصدد ينبغي أن نبتكر طرائق جديدة في التفكير و في تصحيح المشكلات الناشئة من طرائق التفكير القديمة. و إذ إننا في عصر المعرفة، عصر لم تتغير فيه المفاهيم فحسب بل حتى الممارسات ،بحيث شهد العالم مدى العقديين الماضيين حركا كبيرا على جميع المستويات للتنويه و الإقرار بموقع و أهمية مجتمع المعرفة في مستقبل البشرية بوصفه واقعا و اختيارا استراتيجيا أمام الدول و حكوماتها و شعوبها. وكنتيجة حتمية لهذه التطورات السريعة ولاسيما في مجالات إنتاج المعرفة و تقنياتها ووسائل الاتصال الحديثة، أصبح التوجه نحو التفكير في ظاهرة الاستثمار المعرفي و تنمية الموارد البشرية عالية التأهيل قصد امتلاك راس مال فكري. كل ذلك في ظل ما يعرف بمجتمع المعرفة الذي هو الأخر يتصف بامتلاك أفراده حرية الحصول على المعلومات و المعرفة و سهولة تداولها و نشرها و التعامل معها ، فضلا عن تشجيع المبادرات الخلاقة على مستوى المؤسسات و أفرادها بما يسمح بالنهاية بأعلى توظيف ممكن للمعلومة و المعرفة المتداولة وجعلها في خدمة الإنسان، لتحسين مستوى حياته نوعا و نمطا في مختلف المجالات. في حين أن هذه المستجدات خلقت فجوة عميقة لدى دول أخرى خصوصا العالم الثالث من بينها الجزائر، حيث شكلت هذه التداعيات و التطورات والتحديات في مجتمعي المعلومات و المعرفة عناصر ضغط على هيكل العاملين و شروط استخدامهم، وما ينبغي أن يمتلكونه من خصائص و مهارات ليمتد الأمر إلى طبيعة العمل الذي يمارسونه بحيث أصبحت بيئة العمل أكثر تغيرا وتعقيدا مما كانت عليه. و محاولة منا لكشف واقع برامج التدريب و التأهيل في إعداد عمال المعرفة و أبعادها ، جاءت هذه الدراسة بحيث ستتضمن دراسة لفحوى برامج التدريب و مدى تأثرها بواقع مجتمع المعرفة و تلبيتها لمتطلباته العملية. و قد اردنا تسليط الضوء على اهم مقطورات مجتمع المعرفة ألا وهي المكتبات في الجزائر ،هذه الأخيرة التي يعد دورها الأساسي هو إرساء قواعد و مناهج مجتمع المعرفة من اجل تكوين عمال المعرفة .و تزامنا مع قسنطينة عاصمة للثقافة العربية اخترنا مكتبات جامعة قسنطينة محل للدراسة.
|