ارسل ملاحظاتك

ارسل ملاحظاتك لنا







فصل المقال فيما بين فلسفة البشر وحكمة القرآن من الانفصال عند الحكيم بديع الزمان

المصدر: مجلة حراء
الناشر: فكرت بشار
المؤلف الرئيسي: عبدالرحمن، طه (مؤلف)
المجلد/العدد: س1, ع4
محكمة: لا
الدولة: تركيا
التاريخ الميلادي: 2006
الشهر: يوليو - سبتمبر
الصفحات: 14 - 18
رقم MD: 679820
نوع المحتوى: بحوث ومقالات
قواعد المعلومات: HumanIndex, IslamicInfo
مواضيع:
رابط المحتوى:
صورة الغلاف QR قانون
حفظ في:
المستخلص: وخلاصة القول من هذا التحليل لموقف بديع الزمان من العلاقة بين الفلسفة والحكمة هي أن بديع الزمان انقل من حال الفيلسوف الذي يوافق فلاسفة الإسلام في القول بالوصل بين الفلسفة والحكمة، إما وصل تداخل يجلب الضلالة أو وصل تصاحب يجلب غضب الله، إلى حال الحكيم الذي يقول بضرورة الفصل بينهما، إما فصلا استتباعياً يجلب الهداية، فتكون الفلسفة في خدمة الحكمة، أو فصلاً استبدالياً يجلب رضى الله، فتكون الحكمة بديلاً عن الفلسفة. وواضح أن هذا الانقلاب انقلاب "كوبيرنيكي" بحق؛ فبعد أن كانت الفلسفة تعد موصولة بالحكمة، صارت تعد مفصولة عنها؛ وبعد أن كانت الفلسفة تستتبع الحكمة في حالة الاختلاف بينهما، أصبحت الحكمة هي التي تستتبع الفلسفة في حالة الاتفاق بينهما؛ وبعد أن كانت الفلسفة تضاهي الحكمة وجودا، أضحت لا تضاهيها في هذا الوجود، بل أضحت تفقده بوجود الحكمة. وحينئذ، لا نستغرب أن يلح بديع الزمان أيما إلحاح على وجود طورين متضادين في حياته: سعيد القديم وسعيد الجديد؛ ولذا، نعتقد أن العناصر التي تفرق بين هذين الطورين ينبغي البحث عنها في الموقفين المتعارضين اللذين وقفهما من العلاقة بين الفلسفة والحكمة، بحيث يكون الوصل بينهما هو المعيار الذي نحدد به فكر سعيد القديم ويكون الفصل بينهما هو المعيار الذي نحدد به فكر سعيد الجديد. لكن هذا الانقلاب "الكوبيرنيكي" هو نقيض للانقلاب "الكوبيرنيكي" الذي قام به "كانط"؛ فإذا كان "كانط" قد جعل الحكمة تابعة للفلسفة في حال اتفاقهما، فإن بديع الزمان، على العكس من ذلك، يدعل الفلسفة تابعة للحكمة في الحال ذاته؛ وإذا كان "كانط" قد جعل الفلسفة بديلاً عن الحكمة في حال تعارضهما، فإن بديع الزمان، على العكس من ذلك، يجعل الحكمة بديلاً عن الفلسفة في الحال ذاته. ومن هنا، يظهر جلياً أن البعد الذي يكتسبه إنتاج بديع الزمان لا ينحصر في تركيا حيث آثار الفلسفة "الكانطية" قد فعلت فعلها وبدلت قيم أهلها تبديلاً، ولا هو ينحصر في الأمة الإسلامية التي تفككت أوصالها وفقدت وجهتها، وإنما يتعدى ذلك إلى العالم بأسره لينقذ الإنسان، خاصيه وعاميه، من سلطان فكر فلسفي أضر بوجوده في هذا العالم؛ ومن كان هذا عمله، فما أجدر به أن يعد في حكماء العالم الذين رفعوا همة الإنسان إلى الاضطلاع بأمور روحه كاضطلاعه بأمور جسمه، ومهدوا الطريق إلى تجديده، فاستوى إنسانا آخر في عالم آخر.