المستخلص: |
يهدف البحث إلى تقديم مقارنة منهجية للطريقة التي اعتمدت في إنتاج الإنسيكلوبيديا الفرنسية المعروفة على يد كوكبة من المثقفين الغربيين الملتزمين أفكار التنوير في النصف الثاني من القرن الثامن عشر (1751-1772)، وتلك التي اعتمدت في إنتاج دائرة المعارف العربية العتيدة على يد المعلم بطرس البستاني الملتزم أفكار النهضة العربية في الربع الأخير من القرن التاسع عشر (1876-1900). يتبين لنا من خلال دراسة الحالة هذه أن الفرق الجوهري الذي يقوم بين التجربتين هو اعتماد كل واحدة منهما على وضعة ذهنية خاصة بها أوصلتها في نهاية المطاف إلى نتائج مختلفة عن تلك التي توصلت إليها الأخرى. إن فهم وممارسة العمل الموسوعي الذي جاء متشابها في العناوين الفكرية العامة (تنوير من هنا ونهضة من هناك) جاءا غير متطابقين في النتائج الواقعية الملموسة؛ إذ نجح التنوير غربا وأفضى إلى ثورة، فيما فشلت النهضة شرقا وأفضت إلى ما نحن عليه. وبينما اعتمدت الموسوعة العربية على تمويل سياسي وخاص، من الخديوي إسماعيل، اعتمدت الموسوعة الفرنسية على عمليات اكتتاب لجمهور من القراء الذين دعموا سلفا، ماديا ومعنويا، هذا المشروع الثقافي الكبير، الأمر الذي منح هذا الأخير هوية فكرية وسياسية شعبية ومستقلة عن السلطة. يضاف إلى ذلك أن عدم الإيمان بالعمل الجماعي والاتكال على دعم السلطة المادي في تجربة دائرة المعارف تزامنا عند المثقف الذي كتبها مع خيارات ثقافية أدبية محدودة الأفق، في حين أن الإنسيكلوبيديا كانت قد وضعت منذ البداية، في عنوان عملها، العلوم والصنائع في دائرة الثقافة، ضمن رؤية أوصلت لاحقا هذه العلوم والصنائع إلى الثورة التكنولوجية والصناعية بعد أقل من قرن.
This paper examines the methodologies adopted in the production of the French Encyclopédie by a galaxy of Western thinkers who adhered to the ideas of the Enlightenment in the second half of the eighteenth century (1751-1772), and compares these to those adopted in the production of the Da’irat al-Maarif al-Arabiyah (the Arabic Encyclopedia (by the scholar Butrus al-Bustani during the Arabic Nahda in the last quarter of the nineteenth century (1876-1900). The apparent similarity in the general intellectual orientation (Enlightenment and Nahda respectively (did not lead to similar results. The Enlightenment in the West led to revolution, while the Nahda in the East led the region to where it stands today. The Arab Encyclopedia relied on private, political funding from Khedive Ismail, while the French Encyclopédie relied on subscriptions from a public readership who supported this great cultural project giving it a popular political and intellectual identity independent of the governing powers. The lack of belief in collective working, and the reliance on the material support of the authorities, coincided with narrow literary and cultural choices that shaped the Arabic encyclopedia. By contrast, the Encyclopédie was from the outset concerned with the sciences and crafts within a vision that subsequently led these sciences and crafts to transform into a technological and industrial revolution in less than a century. The Enlightenment encyclopedia came cast in an implementing, progressive, and collective mind set while that of the Nahda, a century later, was cast in a different mold, predominantly based on individual genius and literary culture, contented with the call for social justice under the ceiling of tradition.
|