ارسل ملاحظاتك

ارسل ملاحظاتك لنا







الأهلية كشرط لإبرام عقد الزواج حسب آخر تعديل لقانون الأسرة الجزائري

المصدر: دراسات
الناشر: جامعة عمار ثليجي بالأغواط
المؤلف الرئيسي: خضراوي، الهادي (مؤلف)
المجلد/العدد: ع22
محكمة: نعم
الدولة: الجزائر
التاريخ الميلادي: 2012
الشهر: ديسمبر
الصفحات: 133 - 142
DOI: 10.34118/0136-000-022-007
ISSN: 1112-4652
رقم MD: 700663
نوع المحتوى: بحوث ومقالات
قواعد المعلومات: EduSearch, IslamicInfo, HumanIndex, AraBase
مواضيع:
رابط المحتوى:
صورة الغلاف QR قانون

عدد مرات التحميل

132

حفظ في:
المستخلص: إن توجه إرادة الشخص لإحداث الأثر القانوني متوقف ومنوط بإدراكه وتمييزه، فمتى كان كامل التمييز والإدراك كان كامل الأهلية، ومتى كان ناقص التمييز والإدراك كانت أهليته ناقصة أو منعدمة بحسب ما يقتضيه القانون. وانطلاقا من هذا نصت المادة الرابعة من قانون الأسرة الجزائري على: الزواج هو عقد رضائي، يتم بين الرجل والمرأة على الوجه الشرعي؛ من أهدافه تكوين أسرة أساسها المودة والرحمة والتعاون وإحصان الزوجين والمحافظة على الأنساب". وتطبيقا لهذا النص، فإن موضع الأهلية حظي بعناية كبيرة من قبل المشرع الجزائري الذي ساوى بين الرجل والمرأة بخصوص الأهلية بأن حددها ببلوغ سن تسعة عشرة كاملة، كما حمل القاصر المأذون له بإبرام عقد الزواج المسؤولية كاملة فيما يترتب من آثار قانونية عن عقد الزواج المبرم بمعنى أن هذا القاصر تكون له أهلية التقاضي فيما يتعلق بآثار عقد الزواج من حقوق والتزامات دون تدخل ممن ينوب عنه قانونا. خلق الله الإنسان في هذه الحياة لعمارة الكون، وسخر له ما في الأرض جميعا، والشمس والقمر والنجوم والدواب، ليبقى النوع الإنساني إلى المدة التي قدرها سبحانه لبقائه. ولما كانت عمارة الكون متوقفة على وجود الزواج لكونه طريق التوالد والتناسل، شرع الله الزواج لتنظيم المعاش وربط الأسر برباط وثيق قائم على المودة والرحمة، فإن من المقرر أن العمل الذي تقوم به الجماعة لا يتمكن الفرد من القيام به وحده إلا بعسر ومشقة، ثم إن الإنسان لا يستقيم حاله ولا تطمئن حياته إلا باستقرار شؤونه المنزلية، ولا يتحقق هذا الاستقرار والاطمئنان إلا بوجود شريكة له ترعى أمره وتحيطه بالرعاية وتحفظه في نفسها وماله. ولا تقتصر منافع الزواج على الحياة الدنيوية، إنما تعدت إلى ما بعد الموت، فإن الإنسان إذا مات انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له. ولا يكون الولد إلا بالزواج، لكل ما سبق كانت عناية المولى عز وجل بهذا العقد؛ فقد حث الإسلام عليه، ودعا إليه في أكثر من آية؛ ووردت الأحاديث النبوية مرغبة في تحصيله فقال تعالى في محكم تنزيله: (وَمِنْ آَيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ) (1)، وقال سبحانه وتعالى أيضا: (وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا وَجَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ بَنِينَ وَحَفَدَةً وَرَزَقَكُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ أَفَبِالْبَاطِلِ يُؤْمِنُونَ وَبِنِعْمَةِ اللَّهِ هُمْ يَكْفُرُونَ)(2)، وقال عليه السلام: "من تزوج فقد أحرز شطر دينه، فليتق الله في الشطر الآخر"، كما قال عليه السلام:" يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج فانه أغض للبصر وأحصن للفرج ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء"(متفق عليه)، كما روى أن النبي عليه الصلاة والسلام قال: "الدنيا متاع وخير متاعها المرأة الصالحة". بناء على ما تقدم يتبين أن الشارع الإسلامي أولى أهمية خاصة لعقد الزواج، لم تتوفر في غيره من العقود، فلقد نظم أموره، وبين أحكامه، ووضع الأسس التي تقوم عليها، وتشهد بذلك النصوص القرآنية والأحاديث النبوية المتعلقة بمسائل الزواج فقد جعله الله تعالى من آياته، وأوضح أنه من نعمه على خلقه. من هذا المنطلق نجد أن المشرع الجزائري قرر أحكاما منظمة لهذا الميثاق الغليظ بداية بتعريفه بموجب نص المادة الرابعة من القانون 05-02 المؤرخ في 04 مايو سنة 2005 التي عرفت الزواج بقولها: "الزواج هو عقد رضائي يتم بين رجل وامرأة على الوجه الشرعي، من أهدافه تكوين أسرة أساسها المودة والرحمة والتعاون وإحصان الزوجين والمحافظة على الأنساب" والمشرع الجزائري اعتبر بهذا النص أن الزواج هو عقد رضائي تكفي لانعقاده توافق الإرادتين وتطابقهما إذا استوفى شروط صحته التي نصت عليها المادة 09 من القانون 05-02 المؤرخ في 04 مايو سنة 2005 وهي (أهلية الزواج، الصداق، الولي، شاهدان، انعدام الموانع الشرعية للزواج). والعقد كما عرفه في القانون المدني هو توافق أو ارتباط بين إرادتين؛ وهذا يعني أن التوافق أو الارتباط (التراضي) هو جوهر العقد وركنه الأساسي، فالتراضي إذن هو اقتران إرادتين وتطابقهما، الإرادة الأولى هي الإيجاب والثانية هي القبول(3)، فالإيجاب هو التعبير البات عن إرادة أحد الطرفين صادر من موجهه إلى الطرف الآخر بقصد تكوين أسرة أساسها المودة والرحمة والتعاون وإحصان الزوجين والمحافظة على الأنساب، أما القبول فهو التعبير الذي يصدر من المخاطب بالإيجاب معبرا عن إرادته بقبول الإيجاب، والمخاطب يكون حرا في أن يرفض الإيجاب أو يقبله، ويصح أن يكون الإيجاب أو القبول في حالة العجز بكل وسائل التعبير عن الإرادة التي تفيد النكاح وتكوين أسرة كالكتابة والإشارة المتداولة عرفا، وهذا ما تضمنته المادة 10 من قانون الأسرة لسنة 2005: يكون الرضا بإيجاب من أحد الطرفين وقبول من الطرف الأخر بكل لفظ يفيد معنى النكاح شرعا. ويصح الإيجاب والقبول من العجز بكل ما يفيد معنى النكاح لغة أو عرفا كالكتابة والإشارة. وحتى يتم الارتباط والتوافق بين الإيجاب والقبول، أي بين الإرادتين إرادة الرجل وإرادة المرأة، لابن أن يكون كل إرادة متوافرة على الشروط التي تجعلها صحيحة في نظر القانون، وصالحة بالتالي للمشاركة في تكوين الرابطة العقدية (4). والسؤال الذي يطرح نفسه، ما هو الشرط الأساسي لصحة الراضي، وما هو الجزاء المترتب على تخلفه، وما حكم زواج القاصر في حالة ما إذا تم بدون مراعاة ما نصت عليه المادة السابعة من قانون الأسرة 2005؟. للإجابة على هذه الأسئلة ارتأيت أن أقسم هذه الدراسة إلى ثلاث أقسام: القسم الأول خصصته لإنشاء عقد الزواج، أما القسم الثاني سوف أتناول فيه ماهية الأهلية، وأما القسم الثالث خصصته للأهلية باعتبارها من شروط صحة التراضي في عقد الزواج.

ISSN: 1112-4652