المصدر: | مجلة الدراسات الإنسانية |
---|---|
الناشر: | جامعة دنقلا - كلية الآداب والدراسات الإنسانية |
المؤلف الرئيسي: | بشري، محمد المهدي (مؤلف) |
المجلد/العدد: | ع1 |
محكمة: | نعم |
الدولة: |
السودان |
التاريخ الميلادي: |
2007
|
الصفحات: | 29 - 34 |
ISSN: |
1858-6090 |
رقم MD: | 702432 |
نوع المحتوى: | بحوث ومقالات |
اللغة: | العربية |
قواعد المعلومات: | HumanIndex |
مواضيع: | |
رابط المحتوى: |
المستخلص: |
نخلص إلى أن العقل الشعبي راكم تراثاً ضخماً حول سيرة (آل الميرغني) وصور هذه الأسرة كما يروق له لكن دون الابتعاد كثيرا عنا الشواهد التاريخية. تجدر الإشارة إلى أن الطريق كان ممهداً أمام هذا العقل الشعبي لربط الزعامة الدينية بالبيت النبوي على عكس ما حدث في بعض الحالات حيث ليست ثمة رابطة أصلاً بين أسرة الولي أو الشيخ والبيت النبوي، ولكن برغم هذا لا تعوز التقاليد الشفاهية الوسائل والحيل للوصول لهذا السبب، حدث هذا في حالات عديدة منه مثلاً ما ذكره أو فاهي وأسبولدق حول تحوير نسب محمد بن سرور الذي اعتنق المذهب القادري (أو فاهي واسبولدنق: 197). ونفس الشئ حدث حول نسب وأصل الكيرا في دار فور(نفسه: 123). على كل إن المبدع الشعبي قادر على انتخاب ما يروق له من وقائع التاريخ وإحداثه ليعيد صياغتها في قالب فولكلوري، وقد لا يكترث المبدع الشعبي أو جمهوره لمصداقية الجنس الفلكلوري، ولكنهم جميعاً يهتمون أساساً بالدور الذي يلعبه الجنس الفولكلوري بالنسبة لهم وهذا الدور غالباً ما يتعلق بركائز المجتمع مثل تاريخه وارتباطه بالبيئة من حوله ومعتقداته. نلاحظ في الجنس الفلكوري الذي يتناول المعتقد الديني اندغام العديد من الوظائف في بعضها البعض أهمها تأكيد وترسيخ عراقة الولي أو الشيخ وفي ذات الوقت تأكيد وترسيخ قدرته مع القوة الخارقة كالخالق عزوجل الآمر الذي يتجسد في إمكانية الشيخ أو الولي في صنع الكرامات، كما أشار حريز بذلك (حري: 1986). ولا جدال أن دور الجنس الفلكلوري في المجتمع الذي يبتدعه دور يؤثر كثيراً في محتوى هذا الجنس ولما كان المجتمع الذي نحن بصدده يتوق إلى تعميق القيم الروحية وينشد الانتماء للبيت الهاشمي. ولم يكن من الغريب أن يختزن في ذاكرته كل هذا الإرث الضخم حول سيرة آل الميرغني على النحو الذي ذكرناه. فهذا الإرث يشكل متنفساً لأحلام وتطلعات جماعات الشايقية الذين يحرصون على النسب للبيت الهاشمي وهكذا فالميرغني يتصل بطريق آخر هو العباس عم النبي صلى الله عليه وسلم (أنظر الطاهر: مرجع سابق). يهمنا فيما سبق الإرث الشعبي لآل الميرغني والشايقية والذي يعكس عمق النفوذ الديني وسطوته. وقد وظف الطيب صالح الروائي والقصصي، من هؤلاء محمد إبراهيم الشوس (الشوش: 2001)، يعتقد الشوش أن هذا الأثر الصوفي يمنح الطيب صالح" قوة إيجابية إنسانية منتزعة من إيمانه الديني العميق، ويتجاوز به المشعوذين إلى التسامي بهذا التعلق الروحي ليكون منارة للخير ونصرة الضعيف وإحقاق الحق وإطلاق طاقة الحب التي هي عصب الحياة " نفسة: 160). ظلت سطوة آل الميرغني الروحية في إقليم شمال السودان محل اهتمام المبدعين من مختلف المجالات خاصة كتاب القصة والمسرح. فقد توقف رهط منهم إمام التاريخ الخصب لآل الميرغني وما كان من أمر مصاهرتهم للجماعات السودانية خاصة الشايقية أمام اتساع نفوذ آل الميرغني الذي انعكس في إبداع، الكاتب عبدالله على إبراهيم أعد مسرحية تتكئ على هذا النفوذ (إبراهيم: 1986)، دون أن يشير صراحة إلى أنه يعني آل الميرغني (نفسه: 13). في هذه المسرحية يعالج عبدالله على إبراهيم الصراع الدرامي في شمال السودان حيث نشأ وترعرع، والمسرحية تتحدث عن سيطرة آل حامدوك على مجتمع القرية وإمساكهم بزمام الأمور في كل صغيرة وكبيرة (نفسه: 13)، تماماً كما يفعل بندر شاه في رواية ضو البيت، ومثل بندر شاه بدأ حامدوك أملاكه في البلد بقطعة أرض صغيرة وهبها له أهل القرية (نفسه: 21). أما الطيب صالح فقد وظف العديد من الملامح الجسدية والمعنوية التي أسبغها الوجدان الشعبي على الميرغني ليخلق منه شخصية ضو البيت الروائية، فمثل الميرغني كان ضو البيت أبيض اللونو الأخضر العينين. بالجملة كان ضو البيت يختلف عن أفراد المجتمع الذي وفد إليه (الطيب صالح: 1977، 117) كذلك تتفق أسطورة الطيب صالح مع واقعه تاريخية هي قدوم زعيم السودان كما ذكرنا، وبعض التقاليد تنسب أصول أسرته إلى خراسان. ويقترب الطيب صالح من هذا التقليد ويذكر خراسان على وجه التحديد وذلك حين أجاب ضو البيت أول ما خرج من البحر حين سأله مختار ود حسب الرسول عن موطنه فقال ضو البيت، قوقاز، أهواز، خراسان، أذربيجان، سمرقند، طفشند، ولأدري من مكان بعيد "نفسه: 107" ويقترب الطيب صالح بعض الشيء من اسم الميرغني حيث يقول ضو البيت حين سئل عن اسمه لابد كان عندي اسم، بهلول خان، ميرزا، ميراهان، ولااعلم" (نفسه: 106). تجدر الإشارة إلى أن أسماء المواقع التي يذكرها ضو البيت لا تبتعد عن إقليم فارس بل جميعها تقع في هذا الإقليم، نجد أيضاً أن جميع الإعلام التي ذكرها أغلبها أصلا لأسماء ملوك وزعماء هذا الموقع. ربما كانت الإشارة التي ذكرناها عابرة وهامشية بيد أن الأمر الجوهري هو الأثر الروحي العميق لقدوم أل الميرغني إلى أقاليم شمال السودان حيث استقروا وصاهروا سكان هذه الأقاليم وأصبحوا من السكان الأصليين، نفس الشيء فعله ضو البيت الذي صاهر أهل ود حامد بزواجه من فاطمة بنت جبر الدار، ومصاهرة الوافد للمجتمع الذي يقدم إليه موتيفة معروفة ونمطية في أسطورة الوافد الغريب كما ذكرنا. |
---|---|
ISSN: |
1858-6090 |