ارسل ملاحظاتك

ارسل ملاحظاتك لنا







مؤسسة البرلمان ما بعد ثورة يناير: قراءة أولية في التشكيل والتفاعلات

المصدر: المؤتمر السنوي الرابع عشر: مصر في مفترق الطرق ما بين الحاضر والمستقبل
الناشر: المركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية
المؤلف الرئيسي: سلامة، حسن (مؤلف)
المؤلف الرئيسي (الإنجليزية): Salama, Hassan
المجلد/العدد: مج1
محكمة: نعم
الدولة: مصر
التاريخ الميلادي: 2012
مكان انعقاد المؤتمر: القاهرة
رقم المؤتمر: 14
الهيئة المسؤولة: المركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية - مصر
الشهر: مايو
الصفحات: 43 - 93
رقم MD: 704642
نوع المحتوى: بحوث المؤتمرات
قواعد المعلومات: HumanIndex
مواضيع:
رابط المحتوى:
صورة الغلاف QR قانون
حفظ في:
المستخلص: يمكن القول إن شعورا عاما بعدك الرضا عن أداء مجلس الشعب الحالي ومرده للعديد من الأسباب التي نوجزها فيما يلي: 1- أن المجلس بدا عمله في ظل توقعات مبالغ فيها بشأن ما يمكن له أن يحقنه. فقد رأى الناس في برلمان الثورة الجهة الوحيدة المنتخبة بقدر من الشرعية والمصداقية، فاعتبروا انه صار بيده ومن واجبه آن يتصدى لحل كل المشاكل، متجاهلين أنه سلطة تشريع ورقابة وليس سلطة تنفيذية، وبالتالي فليس بيده حل مشاكل الناس مباشرة، وإلا كان متدخلا في أعمال السلطة التنفيذية -أي الحكومة وأجهزة الدولة -ومغتصبا لها. مجلس الشعب مهمته الأولى هي التشريع، والثانية هي الرقابة على أعمال الحكومة، وهو بهذا المعنى له دور كبير في حل مشاكل الناس من خلال القوانين والسياسات اللازمة، ولكن ليس بالتصدي لها مباشرة. يمكن آن تكون هذه المبالغة في التوقعات بحسن نية في بعض الأحيان وهو ما يرجع إلى الحماس المصاحب لإجراء أول انتخابات نيابية حرة، ولكن كثيرا منها يمكن آن بكون أيضا بسوء نية وبغرض "توريط" المجلس الجديد ووضعه في مواجهة الناس بما يخفف من الضغط على الحكومة وعلى المجلس العسكري وبما يجعله مسئولا عن مشاكل تنفيذية ليست في الأصل من اختصاصه. 2- أن حزب الأكثرية ظهر في الأيام الأولى للمجلس كما لو كان متعاليا على الأحزاب الأخرى وشديد الزهو بالانتصار، بينما صار لدى المواطنين عقب الثورة حساسية شديدة من أية بوادر لاحتكار السلطة أو لإقصاء القوى السياسية الأخرى، وصاروا يتطلعون إلى أسلوب جديد للعمل البرلماني يقوم على التعددية الحقيقية وعلى احترام حقوق الأقلية السياسية. 3- أن المجلس ورئيسه قد سقطا فريسة للوائح داخلية عقيمة وإجراءات ونظم لا تسمح بإنجاز أي شيء، بل يكاد يكون المقصود منها هو أن يظل المجلس "مكلمة" لا تنتج ولا تنجز لأن نظام عملها بأكمله تم بناؤه على هذا الأساس. وهنا تكمن المشكلة الرئيسية: فرئيس المجلس يتمسك بتطبيق اللائحة الداخلية حرصا على المشروعية وعلى ألا يتعرض أحد على مخالفته لها أو للنظام الرسمي للعمل، ولكنه يرسخ بذلك من جهة أخرى من تراث الكلام غير المنتج، فيتحول كل استجواب أو طلب إحاطة إلى حوار لا ينتهي بشيء محدد، وكل قضية كبرى إلى لجنة تحقيق أو تقصى حقائق، وكل قضية عامة إلى سجال لا نتيجة واضحة له، وفى النهاية فلا قانون يصدر، ولا قرار يتم التوصل إليه، لأن مطحنة الإجراءات واللوائح الداخلية لا تترك فرصة لأي من ذلك. والقضية أخطر من مجرد الوقت في الكلام، بل يمكن أن تكون لها عواقب وخيمة للغاية. فلو استمر النواب عاجزين عن التفاعل مع القضايا العامة والتشريعات المطلوبة بسبب هذه الإجراءات المكبلة، فلا شك أنهم سوف يرتدون مرة أخرى إلى البحث عن الخدمات الشخصية وإلى ملاحقة الوزراء والمسئولين بطلبات خاصة لأن الناخبين سيطلبون منهم نتيجة ما، وهنا نكون قد عدنا إلى مجلس تخليص طلبات المواطنين (لا تحقيق الصالح العام). 4- الانزلاق بسرعة شديدة إلى مسار اللدد والخصومة بين نواب المجلس، بكل ما فيها من تصيد للأخطاء والبحث عن المكاسب الإعلامية السريعة، والانفعال بلا سبب في قضايا لا تحتمل سوى خلاف في الرأي، الأمر الذي جعل ساحة البرلمان تبدو أحيانا كما لو كانت حلبة للمصارعة، لا محرابا للتشريع وللتشاور فيما يصلح حال الأمة. وهو أسلوب كرهه الناس في المجالس السابقة. ويمكن القول بأنه ومع ذلك فإن الوقت لا يزال مبكرا، والفرصة لا تزال سائحة لكي يصحح المجلس من آدائه الفعلي أولا، ثم من صورته لدى الناس بعد ذلك، والمسئولية في ذلك تقع في المقام الأول على عاتق حزب الأغلبية لأنه الحزب، الأكبر والمتحكم في رئاسة المجلس ولجانه. بإمكان حزب الأغلبية أن يأخذ المبادرة في تغيير النظام العقيم الذي يعمل به المجلس ولائحته الداخلية بحيث تنطلق الطاقات الكامنة لدى أعضائه الراغين في التغيير ويتمكنون من إصدار التشريعات والقوانين التي ينتظرها المواطنون، وبإمكانه أن يقدم ثقافة جديدة في العمل البرلماني الجماعي الذي تتعدد فيه الآراء ولكن يصل الجميع لصالح الوطن، وبإمكانه آن يفرض أسلوبا جديدا في الحوار وفى الجدل ينهض على احترام النواب لبعضهم البعض ولحق كل منهم في رأيه مهما كان مختلفا أو صادما. ولو آخذ حزب الأغلبية هذه المبادرة، فلا شك أن باقي الأحباب ستسانده وتؤيده في ذلك لأن هدفنا جميعا أن يكون البرلمان أكثر فاعلية وأكثر تأثيرا ومصداقية.