المستخلص: |
اكتسب مفهوم التنمية المستدامة خلال العقدين الماضيين أهمية كبيرة في مجال صياغة النظريات ، والنماذج والسياسات التنموية نتيجة لتنامي مشاعر القلق حيال تفاعلات الأزمات البيئية وتسارع نضوب الموارد الطبيعية من جهة، وتجاهل النظريات والنماذج التنموية للاتجاه السائد في التنمية " نموذج الحداثة " لتلك الأزمات من جهة أخرى . وقد جاء الدافع الأكبر لهذا التحول في الممارسة التنموية في أعقاب مؤتمر الأمم المتحدة حول البيئة والتنمية الذي انعقد في مدينة ريو عام 1992م، الذي اعترف فيه كل قادة العالم تقريبا، بأن التنمية كما تمارس حاليا لم تعد مستدامة للمستقبل وأن الجيل الحالي يحمل الأجيال القادمة تبعات اجتماعية وبيئية هائلة . ومنذ ذلك الحين هيمن مفهوم التنمية المستدامة على الخطاب التنموي واستراتيجيات السياسة البيئية على مختلف المستويات الدولية والإقليمية والمحلية ، ونشط أنصار هذا التوجه لاستكشاف التبعات البيئية للأنشطة التنموية، وتبني سياسات صديقة للبيئة ، واقتراح معايير مؤسسية وقانونية للحماية البيئية، وترويج مبادئ الاستدامة من خلال اللقاءات والإصدارات الدولية. وتبدأ هذه الدراسة بمناقشة موجزة لأهم الأزمات البيئية التي لازمت نموذج الحداثة التنموي، ثم تتناول بالنقاش والتحليل وجهات النظر المختلفة، بل وحتى المتباينة حيال تعريف مفهوم التنمية المستدامة . كما تتناول بالتحليل والنقد أهم الاتجاهات الرئيسة ضمن نموذج التنمية المستدامة . وأخيرا تختم هذه الدراسة بالتأكيد على أن التنمية المستدامة قد أصبحت تمثل ضرورة ملحة لبقاء كل من الإنسان والبيئة ، وأن إنجازها يتطلب حدوث تغيرات جذرية في مجالات التفكير والبناءات الاقتصادية والاجتماعية ، وأنماط الاستهلاك والإنتاج ، كما تقدم بعض الاقتراحات العملية في مجال الحفاظ على كل من التنمية والبيئة واستدامتهما.
The concept of sustainable development has received much attention in the past two decades in formulating development theories, models, and policies. The interest in sustainable development results both from the growing concern over environmental crisis and the depletion of natural resources that we humans need for our survival, and from the indifference and even negligence of the mainstream development theories (modernism) toward those environmental concerns. The biggest impetus for changing the world's development practice came as a result of the UN Conference on Environment and Development in Rio in 1992, at which the leaders of nearly all the world's countries acknowledged that development as currently practiced is not sustainable into the future, and that our generation is pushing enormous social and environmental costs onto future generations. Since then 'sustainable development' became the predominant feature of the developmental discourse, underlying global, regional and local environmental policy strategies. In addition its proponents actively worked to explore the environmental costs of development activities, prescribe environment-friendly policies, suggest institutional and legal measures for environmental protection, and publicize the principles of sustainability through international forums and publications. This study begins with a brief discussion on the most critical environmental crisis resulting from modernism model of development, followed by an analysis and discussion of various and even conflicting perspectives in defining the concept of sustainable development. In addition this study analytically and critically discusses the main trends within sustainable development model. Finally the study concludes by asserting that achieving sustainability requires profound changes in thinking, in economic and social structures, and in consumption and production patterns, and makes some practical suggestions in this regard.
|