ارسل ملاحظاتك

ارسل ملاحظاتك لنا







مأزق التنمية فى الواقع المجتمعى المصرى المعاصر : أنساق القيم نموذجاً

المصدر: المجلة المصرية للتنمية والتخطيط
الناشر: معهد التخطيط القومي
المؤلف الرئيسي: أبو قورة، خضر عبدالعظيم (مؤلف)
المجلد/العدد: مج21, ع1
محكمة: نعم
الدولة: مصر
التاريخ الميلادي: 2013
الشهر: يونيو
الصفحات: 19 - 42
ISSN: 1110-984X
رقم MD: 714319
نوع المحتوى: بحوث ومقالات
قواعد المعلومات: EcoLink
مواضيع:
رابط المحتوى:
صورة الغلاف QR قانون
حفظ في:
المستخلص: 1. كان هناك العديد من الدراسات والبحوث التي تؤكد أن التنمية قد تأثرت بالصراع الضاري بين الشيوعية والرأسمالية، كما أننا قد وصلنا إلى نهاية القرن العشرين في الواقعين السياسي والاجتماعي قبل نهايته الفعلية في الواقع ألزماني- أي الروزنامة- وانهار الاتحاد السوفيتي، وانتهت الحرب الباردة، وتحول النظام الثنائي القطبية إلى نظام القطب الواحد الذي تهيمن عليه الولايات المتحدة الأمريكية صاحبة القوة العسكرية والاقتصادية السياسية الأكبر على مستوى العالم. وكان من نتيجة ذلك سقوط الشمولية وصعود الرأسمالية باعتبارها البديل أمام المجتمع العالمي أو المعولم وظهور مقولة فوكوياما في كتابة نهاية التاريخ بأن الرأسمالية ستصبح هي المسيطرة إلى أبد الآبدين على التنمية والقيم ومسارات المجتمعات ككل. لكن ظهر مفكر أمريكي آخر معاصر لحقبة فوكوياما وهو عالم الاجتماع الأمريكي "بيتر بيرجر" الذي صاغ نظرية رأسمالية جديدة شبه مقننة على غرار النظرية الماركسية يؤكد من خلالها بأن الرأسمالية لا بديل لها للتنمية في كافة شعوب الأرض وصاغ مقولات للتنمية في مجتمعات العالم الثالث التي لابد لها من أتندمج في النظم الرأسمالي العالمي الجديد إذا أرادت زيادة فرصها في التنمية والتقدم. واصطدمت مقولات فوكوياما وبيرجر بالواقع الذي صاغه في فرنسا كل من فرانسوا بيرو وجاك دبلور في أن ارتفاع معدلات الدخل القومي لا يمكن اعتباره دلالة على التقدم التنموي لأن الأهم هو عدالة التوزيع وهي قيمة أخلاقية إنسانية بالدرجة الأولى وتمثل جوهراً في نسق القيم. 2. حدث لنا في مصر كما حدث لغيرنا أننا حينما دخلنا كغيرنا في بلدان العالم الثالث إلى دائرة النظام الرأسمالي العالمي لم يؤد ذلك في كثير من الحالات إلى إنجاز التنمية المستدامة المتوقعة بقدر ما أدى إلى ثراء فاحش لشرائح اجتماعية قليلة العدد عبارة عن خليط من رجال السلطة ومعهم القليل من الرأسماليين ومن رجال الأعمال، وإلى إفقار الطبقات الوسطى والفقيرة التي تدنت أحوالها المعيشية بدرجة كبيرة مما أفرز الكثير من التشوهات النفسية والأخلاقية والاجتماعية أصابت في الصميم أنساق القيم السوية التي لا غنى لإنجاز تنمية حقيقية فعالة يتحقق بها التغير الاجتماعي الإيجابي الذي يؤدي إلى التقدم التنموي خاصة والتقدم الحضاري الثقافي عامة. وهذا ما لم يتحقق للأسف الشديد. 3. سادت، خلال عقدي سبعينات وثمانينات القرن العرشين، مقولة أن التنمية وفق النظام الرأسمالي أقدر وأكثر فعالية من التنمية وفق النظام الاشتراكي في رفع المستوى المادي لحياة المجتمعات في البلدان النامية بما في ذلك الشرائح الفقيرة التي تعاني الكثير من مظاهر البؤس والتخلف لكن جوهر هذه المقولة قد تعثر حيناً وفشل حيناً آخر في عالم الواقع. 4. مقولة أخرى أن التنمية في النظام الرأسمالي سوف تؤدي إلى تحسين ورفع مستوى المعيشة في البلدان النامية لأنها تعتمد على إنجاز النمو السريع المعتمد على أساليب إنتاجية كثيفة العمل تؤدي إلى عدالة أكثر في توزيع الدخول بصورة أفضل من السياسات التي تعتمد على خطط مسبقة للتوزيع المركزي للدخول، وقد ثبت عملياً أن تلك المقولة خادعة لأن موجات العولمة وما أدت إليه من تطورات هائلة في التكنولوجيا قد قللت من فرض إقامة الصناعات كثيفة العمل. لقد أدى التوسع المطرد في استخدام الحاسوب والروبوت إلى انحسار واضح في عدد العمال والميل إلى تقليل أعدادهم بل وظهرت فئة جديدة يطلق عليها فئة عمال المعرفة الذين اكتسبوا بحكم تكوينهم العلمي وخبراتهم المصرفية وقدراتهم الفنية مكانة قريبة الشبه بطبقة أرستقراطية جديدة في صورة عمالية ذات أنساق قيم جديدة في تنظيمات اجتماعية جديدة. لكن هذه الحالة لم تتحقق في الواقع المجتمعي المصري على مدار العقود الأربعة الأخيرة، بل أثبت العديد من التجارب أن الاعتماد على قواعد المنهج الرأسمالي باعتباره المنهج الوحيد لبلوغ التقدم التنموي هو اتجاه خاطئ ليس فقط من خلال التحليل النقدي بل في ضوء الواقع والتجربة، والدليل على ذلك هو الأزمة المالية العالمية التي ضربت الولايات المتحدة الأمريكية والعالم في صيف 2008 بسبب التوسع في تحويل الاقتصاد الإنتاجي إلى اقتصاد افتراضي قائم على المضاربات مما أدى إلى سقوط الكثير من الشركات والبنوك الرأسمالية الكبرى واضطرار الولايات المتحدة والكثير من الحكومات العربية إلى ضخ آلاف الملايين من الدولارات لإنقاذ النظام الرأسمالي من السقوط الكبير. لكن الدرس المستفاد هو أن الطريقة الرأسمالية المعولمة للتغيير الاجتماعي المتوازن تنموياً قد فشلت بامتياز وكان لغياب أنساق القيم المجتمعية البناءة والإيجابية الأثر الكبير في هذه النتيجة. وختاماً فالحاجة ماسة إلى صياغة نظرية ومنهجية جديدة مستقلة في الاقتصاد والاجتماع والسياسة والإدارة والثقافة تحترم أنساق القيم في المجتمع مع مراعاة المرحلة التاريخية الحرجة التي يمر بها واقعنا المجتمعي المصري المعاصر في أعقاب موجات التغير الحادة في السنوات الثلاث الأخيرة. \

ISSN: 1110-984X