المستخلص: |
من صفات الحكيم وضع الأمور في مواضعها فجاءت خطابات الشارع من أوامر ونواه لحكم ومقاصد عظيمة، ظاهرة وخفية، ومنها التكليف بحسب الاستطاعة، ومراعاة إمكانات، وقدرات المكلفين مع رفع الحرج عنهم، فلا تكليف فوق الطاقة، ولا طاعة إلا وفق الاستطاعة، ولا أثم مع ضرورة؛ ولأن الاستطاعة مناط التكليف، وروح التشريع، ومنهج التطبيق في عموم التكاليف؛ فهي بحق فقه الواقع الذي يتطلب قدرة ومكنة لتنزيل الحكم في محله. لذلك كانت الاستطاعة ميزان الشريعة بين المثالية المطلوبة، والواقعية المفروضة، فكان البحث عن تتبع الأثر الأصولي في الحكم الشرعي تكليفا ووضعا، أصلا تقوم عليه فكرة هذه الدراسة؛ إذ تبين أن للاستطاعة أثرا في أقسام الحكم التكليفي، كما أن لها أثرا في أقسام الحكم الوضعي على خلاف ما اشتهر أصوليا. ولعل أثر الاستطاعة يتجلى في أوضح صورة في ركن المحكوم فيه؛ لأن التكليف لا يكون إلا بفعل، ولأن شرط صحة التكليف بأي فعل من أفعال المكلفين هو الاستطاعة عليه. فكانت هذه الدراسة لبيان أثر الاستطاعة على سبيل التفصيل في أركان الشرعي وأقسامه.
|