المصدر: | أعمال الندوة المهداة إلى روح الأستاذ عبدالله صولة: الدلالة النظرية والتطبيقات |
---|---|
الناشر: | جامعة منوبة - كلية الآداب والفنون والإنسانيات |
المؤلف الرئيسي: | العمري، منجي (مؤلف) |
محكمة: | نعم |
الدولة: |
تونس |
التاريخ الميلادي: |
2010
|
مكان انعقاد المؤتمر: | تونس |
الهيئة المسؤولة: | جامعة منوبة - كلية الآداب والفنون والإنسانيات - وحدة البحث "المصطلح الدلالي" |
الشهر: | نوفمبر |
الصفحات: | 385 - 427 |
رقم MD: | 719873 |
نوع المحتوى: | بحوث المؤتمرات |
قواعد المعلومات: | AraBase |
مواضيع: | |
رابط المحتوى: |
المستخلص: |
تكمن طرافة نظرية القطيعة الكارثية في تأسيسها لنظرة منهجية للعلوم على أسس رياضية تراعي استبطان التصورات العرفانية لحركة الطبيعة. ولما كانت اللغات الطبيعية ظاهرة إنسانية تتفاعل باستمرار مع المحيط الطبيعي والسياق التداولي فإن تطبيق المبادئ المنهجية لهذه النظرية على الدلالات النحوية في اللغة الطبيعية مثل أحد الرهانات التي تغري بالقبض على شكل المعنى الطبيعي. لكن اللغة باعتبارها نظامًا يتصل بالطبيعة لا تعطي أسرارها بمجرد ترييضها لأنها ليست علمًا في الجبر يقبل الحصر بمعادلات رياضية دقيقة لكنها في المقابل ليست فوضى مطلقة تتأبي عن الحصر لأن منطقها الداخلي منتظم وفق نسقية قابلة للاكتشاف وهو يستطبن انتظام منطق الطبيعة القائم على حركية مستمرة، وإذا كانت أغلب المقاربات اللسانية قد تحيزت للشكل فاختزلت نظام اللغة في الأبنية الساكنة أو سلمت بغموض المعنى فوسمت اللغة بالفوضى الدلالية، فإن المقاربات ذات الأسس الطبيعية –ومنها نظرية القطيعة الكارثية-تمثل إعادة تأسيس لقضية الشكل والمعنى الأزلية في اتجاه يربطهما بحركية الطبيعة ونظام الكون. ولذلك مثلت هذه النظرية من الناحية التاريخية تجاوزًا للنظرة الجامدة للنظام في المدارس البنيوية وتجاوزًا للأسس الصورية المغرقة في التخييل في مقاربة كفاية المتكلم. وقد حاولنا اختبار مدى انطباق هذه النظرية على حركية الأبنية النحوية في نظرية الإعراب عند النحاة العرب من خلال نموذج العطف. فخلصنا إلى أن آراءهم لم تخل من سمة الحركية حيث نرصد ذلك داخل البنية النحوية الواحدة مثل بنية العطف وبين البنى النحوية المتجاورة في الشكل والمعنى مثل العطف والاستثناء والبدل، ويعود السبب في ذلك إلى أن مفاهيم نظرية الإعراب على قدر وفير من الحركية من جهة استبطان مبدأ الحركية في اللغة، وهذا ما انعكس على قدرتها التفسيرية في التعامل مع الأبنية اللغوية العربية. وقد كشف لنا نموذج العطف أن هذه القدرة متأنية أساسًا من سمتين؛ أولاهما تجاوز الفصل بين الشكل والمعنى ليصبح الإعراب هو الشكل الطبيعي الذي يتخذه المعنى فيكون الإعراب سمة في النظرية وميزة طبيعية في اللغة. وثانيهما حركية المفاهيم الإعرابية المنسجمة مع حركية الدلالة ومبعث الحركة هو التفاعل المستمر بين الدلالات النحوية والسياق التداولي الطبيعي لإنجاز الأقوال. وبناءً على هذه النظرة الكارثية لحركية الإعراب بينا أن بنية العطف ليست بنية ساكنة بل هي تضمر حركة دلالية يجسدها الثراء الدلالي في الروابط وتحفظها دلالة أساسية هي الربط وهي تمثل قوة كامنة تدفع البنية إلى التغيير المستمر للسمات الدلالية داخل بنية العطف وفق حتمية طبيعية تقود في النهاية إلى تغيير في الدلالة الأساسية لتحدث القطيعة وتظهر بنية أخرى متحركة بدورها. وقد انتبهنا إلى التشابه الكبير بين رمزية شكل العطف عند النحاة والأشكال السطحية التي قدر طول أنها الأشكال الطبيعية الأولى للقطيعة لنستخلص أن العطف يرتبط بالأساس النحوي الأول الذي تنبثق منه مختلف الأبنية النحوية في اللغة العربية. أما تلك الأسس النحوية فسواء تشكلت في بنية العطف أو في بنية الاستثناء أو في بنية البدل فهي المحرك الضمني للدلالات النحوية عبر تفاعل المتكلم مع السياق التداولي لاستخدام اللغة. وهذا ما يفرض على النحوي أن تكون أدواته النظرية طيعة قادرة على التفاعل مع طابع الحركية في اللغة. وإذا كانت نظرية القطيعة الكارثية تمثل توسيعًا للبنيوية في اتجاه يجعل البنية متحركة فإن ذلك ينسجم مع طبيعة اللغة المتحركة دائمًا وكلما كانت النماذج النظرية المفسرة حركية كانت أقدر على تفسير حركية اللغة. ولذلك تساعد هذه النظرية على تبين ملمح أساسي في نظام الإعراب قوامه أن نظر النحاة العرب يعكس حدسًا نحويًّا منتبهًا إلى حركية الدلالات النحوية في الطبيعة. وهذا الملمح بالذات يمثل في رأينا أحد الأسباب الإبستيمولوجية المفسرة لصمود النظرية النحوية كل هذه القرون على الصعيدين التعليمي والنظري، فقد استطاعت النظرية ترشيح تجربة المتكلم العربي عبر شكلنة روح الطبيعة في اللغة فكان الشكل عند النحاة العرب شكلًا دلاليًّا حركيًّا طبيعيًّا. |
---|