المصدر: | الموقف الأدبي |
---|---|
الناشر: | اتحاد الكتاب العرب |
المؤلف الرئيسي: | يوسف، رياض (مؤلف) |
المجلد/العدد: | مج45, ع537 |
محكمة: | نعم |
الدولة: |
سوريا |
التاريخ الميلادي: |
2016
|
الشهر: | يناير |
الصفحات: | 45 - 56 |
رقم MD: | 736566 |
نوع المحتوى: | بحوث ومقالات |
اللغة: | العربية |
قواعد المعلومات: | AraBase |
مواضيع: | |
رابط المحتوى: |
المستخلص: |
نلاحظ من خلال استقرائنا الموجز للعلاقة التاريخية بين الشعر والأنطولوجيا أنها موسومة، في بعض أبرز محطاتها، بالتوتر الذي تكشف عنه مواقف متباينة حد التناقض. فمنذ اللحظة الأفلاطونية التي جاهرت بالموقف، العدائي من الشعر بوصفه نقيضا للخطاب الفلسفي وعقبة أمام " الوعي الأنطولوجي" لم يتوقف السؤال الإشكالي عن وضع الشعر بوصفه "خطابا لا عقلانيا" إزاء الخطاب الفلسفي الذي ظل يدعي احتكار الحقيقة و "أورغانونها". لكن الموقف الأفلاطوني تعرض لقلب مسلماته، مرة في سياق تأكيد التناقض المفترض بين الشعر والأنطولوجيا العقلانية مع الانتصار للشعر باعتباره المنفذ الحقيقي للعرفان لا المعرفة المتعقلنة "ماريا ثامبرانو"، ومرة أخرى في سياق المماهاة بين الخطاب الشعري والأنطولوجي كما حدث في اللحظة النيتشوية الفريدة. وثمة لحظة مضيئة في القرن العشرين هي لحظة هايدغر الذي تجاوز كل الطرح السابق، ورغم القرابة الشديدة التي أعلنها بين الشعر والأنطولوجيا إلا أنه لم يقع في فخ المماهاة بينهما كما حدث مع نيتشه، بل احتفظ بمسافة واضحة بينهما، إذ عد هذا الحوار بمثابة "نداء لبعضهما البعض من أجل الإقامة في البين بين...". يمكننا إذن أن نعد لحظة هايدغر هي لحظة ميلاد الحوار الندي بين الشعر والأنطولوجيا، وهو الحوار الذي تم استئنافه من طرف مفكرين وشعراء لعل من أبرزهم الشاعر الفرنسي إيف بونفوا ذو الخلفية الأنطولوجية القوية. فهو يعلن بوضوح أن حوار الشعر والفلسفة مشروط بالإبقاء على التباين بين لغتيهما اللتين لا يتداخل أمكنتهما رغم قرابتهما، فالشعر يستطيع أن يساعد الفلسفة على مراجعة فكرتها الشديدة المحدودية عن الحقيقة لأن ضوءه ا لخاص مستمد من ضوء الأرض المحسوس، والفلسفة تشرح للشعر أين تكمن الفخاخ التي تترصده، وتساعده خاصة على وقاية نفسه من إغراء الخضوع للامعقول. هكذا فقد يغدو الحوار الشعري الأنطولوجي بناء ومثمرا، يحفظ لكل من الخطابين تميزه وفرادته، ويسمح بالتداخل بينهما لا بالالتباس، وباللقاء لا بالتماهي، في سعيهما المشترك لكشف الحجاب عن لغز الكائن والكينونة. |
---|