ارسل ملاحظاتك

ارسل ملاحظاتك لنا







هل تعد قرارات المنظمات الدولية مصدرا للقانون الدولى؟

المصدر: مجلة الحقوق
الناشر: محمد أوزيان
المؤلف الرئيسي: الحمدان، على عبدالمعطى (مؤلف)
المجلد/العدد: ع19
محكمة: نعم
الدولة: المغرب
التاريخ الميلادي: 2016
التاريخ الهجري: 1437
الصفحات: 105 - 123
رقم MD: 743494
نوع المحتوى: بحوث ومقالات
اللغة: العربية
قواعد المعلومات: IslamicInfo
مواضيع:
رابط المحتوى:
صورة الغلاف QR قانون

عدد مرات التحميل

127

حفظ في:
المستخلص: إذا جاز لنا أن ندلي برأينا في هذا المسألة: فإننا نقول إنه بالرغم من وجود رفض من قبل الكثيرين لعد قرارات المنظمات الدولية مصدرا شكليا للقانون الدولي، إلا أننا نخالفهم الرأي فيما ذهبوا إليه حتى وان لم يتم النص عليها في المادة (38) من النظام الأساسي لمحكمة العدل الدولية التي عددت مصادر القانون الدولي. وإذ إننا لا نجد غضاضة في تبني الحجج نفسها التي ساقها مؤيدو عد هذه القرارات مصدرا شكليا من مصادر القانون الدولي، غير أننا نرى وجوب توافر شروط معينة في هذه القرارات حتى يمكن إسباغ هذه الصفة عليها. هذه الشروط هي شرط المشروعية، بحيث تأتي منسجمة مع نصوص ميثاق الأمم المتحدة وقواعد القانون الدولي العام ( ) وشرط صدورها من سلطة مختصة، وشرط تعبيرها عن قاعدة عامة ومجردة وملزمة. الشرط الأول هو أن تتصف قرارات المنظمات الدولية بالمشروعية؛ أي أن تتقيد المنظمة صاحبة القرار بأهدافها التي نص عليها ميثاقها وتحترم الشروط الموضوعية والشكلية لإصدار هذه القرارات ( ). فقد عهدت المادة (24) من ميثاق الأمم المتحدة إلى مجلس الأمن بالتبعات الرئيسة في حفظ السلم والأمن الدوليين، ثم أصبح من الواجب على المجلس أن يتوخى هذا الهدف، فإذا ما استهدف المجلس تحقيق أهداف أخرى غير المرسومة له في الميثاق، أصبح قراره مشويا بعيب الانحراف بالسلطة، أو بما يعرف بإساءة استعمال السلطة ( ). كما رأت محكمة العدل الدولية أن هناك علاقة وثيقة بين القرارات التي تصدرها المنظمة الدولية وبين أهداف تلك المنظمة، وذلك في رأيها الاستشاري الصادر في عام (1962) في قضية نفقات الأمم المتحدة، إذ ذكرت بأنه إذا تم إجراء الإنفاق لتحقيق هدف لا يندرج في إطار أهداف الأمم المتحدة، فإن هذا الإنفاق لا يمكن عده من نفقات المنظمة الدولية. والشرط الثاني لاعتبار قرارات المنظمات الدولية مصدرا من مصادر القانون الدولي، هو أن تكون المنظمة هي صاحبة الاختصاص في إيجاد وتعديل القواعد القانونية العامة التي تحكم سلوك المخاطبين بالقرار، وهذا الأمر تحدده الأحكام الصريحة أو الضمنية التي يحتويها دستور هذه المنظمة أو يقرها العرف الدولي ( ). ولا يكفي فيما نرى أن تكون المنظمة هي صاحبة الاختصاص، إذ لابد من أن يكون الجهاز نفسه الذي أصدر القرار صاحب الاختصاص دون غيره من الأجهزة داخل المنظمة، وهذا يعد نتيجة طبيعية لمبدأ توزيع الاختصاصات على أكثر من جهاز داخل المنظمة، وهكذا لا يمكن الاعتداد بالقرارات الصادرة عن أجهزة غير مختصة وفق دستور المنظمة أو العرف الدولي، وتكون هذه القرارات مشوبة بعيب عدم الاختصاص ( ) وكانت الجمعية العامة للأمم المتحدة قد توجهت إلى محكمة العدل الدولية بطلب رأي استشاري عام (1950) تساءلت فيه عن إمكانية أن تنفرد الجمعية العامة بقرار الفصل في مسألة انضمام الدول إلى الأمم المتحدة، وعد رفض مجلس الأمن التوصية بقبول طلب الانضمام بمنزلة توصية سلبية تدخل في نطاق معنى نص المادة (4-2) من الميثاق. وقد أجابت المحكمة بالنفي عن هذا التساؤل، مقررة أنه ليس في إمكان الجمعية العامة ممارسة اختصاص لم يعترف به ميثاق الأمم المتحدة ( ). أما الشرط الثالث لإضفاء صفة المصدر الشكلي على قرارات المنظمات الدولية، فهو اتسامها بطابع العمومية والتجريد. وعمومية القرار تعني أن يكون موجها إلى مخاطبين -سواء دول أو منظمات -دون أن يتم تحديد ذواتهم، فلا يتم توجيهه لدولة أو منظمة بعينها بل يكون عاما وليس فرديا. أما التجريد فيعد الوجه المادي لصفة العمومية في القاعدة القانونية، فالعنصر الذي يدخل في الاعتبار عند تقدير وجود هذه السمة أو عدم توافرها هو المراكز القانونية التي يحكمها، ثم فإن القرار يصبح مجردا متى كانت المراكز القانونية التي يمكن أن تنطبق عليه غير قابلة للتحديد، أي لا يحكم مراكز محددة زمنيا بل يكون المجال مفتوحا لتنطبق عليهم في المستقبل، بينما تنتفي صفة التجريد كلما امتنعت في المستقبل إمكانية تكرار نشأة المراكز القانونية الخاضعة لحكم القاعدة ( ). وأخيرا فإن الشرط الرابع الذي لابد منه لعد قرارات المنظمات الدولية مصدرا شكليا من مصادر القانون الدولي، هو أن تتوافر في تلك القرارات الصفة الإلزامية، أي أن تكون هذه القرارات ملزمة. وهكذا فإن التوصيات وغيرها من القرارات التي لا تعد ملزمة بنظر كثير من الفقهاء، لا يمكن أن تعد مصدرا من مصادر القانون الدولي ( ). والحقيقة أن مسألة إلزامية قرارات المنظمات الدولية أثارت الكثير من النقاش والاختلاف في وجهات النظر عند الفقهاء ومازال يكتنفها الكثير من الغموض وعدم الاستقرار، وقد سبق أن تطرقنا إلى أنوع القرارات وفق درجة إلزامها وقسمناها في ضوء ذلك إلى ملزمة وغير ملزمة.