المصدر: | مجلة مدارات |
---|---|
الناشر: | جمعية مدارات معرفية |
المؤلف الرئيسي: | بلحنافي، جوهر (مؤلف) |
المؤلف الرئيسي (الإنجليزية): | Belhanafi, Djouheur |
المجلد/العدد: | ع21,22 |
محكمة: | نعم |
الدولة: |
تونس |
التاريخ الميلادي: |
2014
|
الشهر: | ربيع - صيف |
الصفحات: | 115 - 126 |
ISSN: |
0330-7565 |
رقم MD: | 744359 |
نوع المحتوى: | بحوث ومقالات |
قواعد المعلومات: | HumanIndex |
مواضيع: | |
رابط المحتوى: |
المستخلص: |
لقد تبنت المسيحية العديد من الأفكار الأساسية من الرواقية فصبغت فلسفتها بألوان مبادئ رواقية حتي تكون طبيعة هذه العقيدة ملائمة للحياة الاجتماعية. لذلك التقت المسيحية في كثير من مبادئها الأساسية مع الرواقية. ففضيلة الخير والسعادة تكمن في مطابقتها للطبيعة وأي شيء ضد الطبيعة يكون شراً أو رذيلة. فلقد كان لهذه الأفكار صدى في الفكر المسيحي المتأخر خاصة حول الفضيلة والرذيلة والخطايا، والفضائل الكبرى. فالمعرفة بالنسبة للرواقيين ومن بعدهم المسيحيين خير محض سوءا كان جمالا أو عدلاً أو شجاعة أو حكمة. ويظهر أثر الرواقية على المسيحية في القول" بأن حياة الفضيلة هي حياة التأمل والتأني والانسجام مع النفس وتجنب اللذة في طريق كبح جماع الرغبات غير الطبيعية وغير الضرورية. وعراقة الخطيئة كونها من مفاهيم الجوهر والمنهج في الأخلاق الرواقية والأخلاق المسيحية" فتدعو المسيحية كما هو معلوم إلى ضرورة التجرد من الغرائز وكبح جماح اللذة والرغبات، لبلوغ السعادة أو الفضيلة "كما تتطابق الرواقية والمسيحية من زاوية اجتماعية، ذلك أن تعاليم الرواقية تؤكد على ضرورة التعايش مع الآخر وأن الواجب الاجتماعي يعد أشرف وأهم الواجبات أو الوظائف الفردية، لأن الإنسان لا يحيا مستقلاً عن الآخرين أو بمعزل عنهم. فالأخلاق الفردية في الرواقية هي بطبيعة الحال اجتماعية، رأي البعض أن هذا هو سبب التماثل بين الرواقية والمسيحية من هذه الزاوية الاجتماعية". صور القديس بولس الرسول نفسه شأنه شأن ابيكتيوس رسول الأمم وجنديا من جند المسيح. فكلاهما يعلم أنه يستطيع فعل كل شيء إذا عول على الله الذي يمنحه قوته. وكلاهما كذلك يعلم أنه إنما هو رسول ومبعوث من الله إلى الأرض ليهدي إلى الخير ويرشد إلى الفضيلة، لقد نظر كليهما إلى نفسيهما على إنهما وجدا من أجل تأدية واجب أخلاقي يتمثل في هداية الناس إلى طريق الخير والسعادة مهما كانت طبقتهم الاجتماعية. كما حاولا إقرار السعادة للعبيد والضعفاء والفقراء وكل الفئات الاجتماعية المقهورة، تلك التي اعتبرها أفلاطون وأرسطو غير قادرة على بلوغ السعادة خلافا للرواقية والمسيحية، إذ تكتفي لبلوغ السعادة بالعيش وفقا للطبيعة والعقل "والعيش وفق الطبيعة يعني العيش في صداقة مع الإله أو وفق إرادة الإله حسب المسيحية. فكان للنزعة الإنسانية تواجدا قويا في الفكر المسيحي. هذه النزعة تميزت بها الفلسفة الرواقية وخاصة المتأخرة. فالسمو بالقيم الأخلاقية وخلق رابطة اجتماعية قوية توثق العلاقات بين الفئات الاجتماعية المختلفة، ساعد المسيحية على تأصيل فكرة الإثم في الطبيعة الإنسانية. ولم يعد للإنسان مفر إلا بالفضيلة لتحقيق الخلاص. فالشعور بالإثم والبؤس كطابع مميز للصفات الإنسانية جعل بسنيكا يحلق في سماء المبالغة في تقدير القيمة المعنوية لصفتي "الرقة والعطف وهما من الفضائل التي تتسم بها الفلسفة الرواقية كما اتخذت أبوة الله والأخوة الناس. ومن معاني المحبة التي تحكم في الجنس البشري كله هي نفس المعاني تمثلت في تعاليم المسيحية كالرحمة، والترفق، والخير وحسن المعاملة، وسعة الصدر، وحب الناس، ارتفعت هذه الفضائل إلى مكان الصدارة كما استنكرت الكراهية، الغضب والعنف في معاملة التابعين أو الأقل منزلة. لقد اقتبس الفلاسفة المسيحيون من الرواقية الكثير من القيم الروحية التي تنطوي على عقيدة دينية كالتالي دعا إليها ماركوس أوليوس كإطالة التأمل في الحياة الروحية، والجسد ليس إلا قيدا للروح وظلماتها. ووجوب أن تكافح الروح عبء الجسد. فكانت هذه مفاهيم المجتمع الوثني الذي نشأت المسيحية في ظله وترعرعت حسب اعتقاد جورج سبابسن. وقد مثلت الحق آنذاك. |
---|---|
ISSN: |
0330-7565 |