المستخلص: |
إذا كان اللوغوس أي العقل حكم العالم عند اليونان، والإيمان نظم الوجود في العصور الوسطى، والعلم حرك العصور الحديثة، ففي أيامنا المعاصرة نرى بأن "الرصيد يحكم العالم"، لأن رصيد الراتب الشهري هو أساس العمل، ورصيد الهاتف الخلوي هو وسيلة التواصل، ورصيد العلامات أو الدرجات أو النقاط هو قاعدة النجاح في نظام ل. م. د، وبعبارة أخرى صار المال هو محور العملية التربوية، لأن الثورة الصناعية الثالثة في مجالي المعلومات والاتصالات، جعلت الطفل هو صانع ثقافته اذا ما توفرت لديه التقنيات و الوسائل التعليمية، لينهي بذلك ما كان يعرف بالتفكير لمنظومة القيم التي قد تبدو لنا مفيدة له، فهو في عصرنا، أي الطفل ينشئ المنتدى والموقع الخاص به، ويتلاعب بالصور، والأصوات لينهي مرحلة إحتكار المعلومة التي كانت من إختصاص الكبار، وهذه الثورة في علاقة المتعلم بالمعلم هي نتيجة الإنقلاب الوجودي الذي تجسد "في إنتاج سلع من نوع جديد، ذات ماهية أثيرية افتراضية شبحية، بأن يتوقف عليها الإنتاج المعرفي والمادي على السواء. إنها المنتوجات الالكترونية من الصور والنصوص والأرقام وسواها من العلامات الضوئية السيالة على مدار الساعة عبر الشاشات والشبكات" (1) 2 لأن زمن الكونية لم يعدا سيفا كما جاء في ثقافتنا أو نقدا كما وصف في ثقافتهم، بل لحظة إبداعية يكونها الطفل وتكونه من خلال الوسائط الثقافية المفتوحة على "التدفق الحر للمعلومات والذي تدعمه القوة الاقتصادية قد أدى إلى موقف عالمي بالنسبة للدول النامية. حيث تشيد هذه المعلومات مراكز داخل حدودها من خلاله للدول صاحبة هذه البرامج أن تمارس نفوذها على هذه الدول النامية" (2)، وهذا التأثير الثقافي يمكن تفسيره بما قاله الناقد الأدبي والإبستيمولوجي الفرنسي غاستون باشلار عندما رأى بأن "الواقع ليس دائما ما كنا نعتقده، لكنه على الدوام ما كان يفترض أن نفكر فيه"(3)، وفي سياق هذا الاستشراف ارتبط درس الفلسفة بالعولمة أو بالأحرى احتضنت العولمة مادة الفلسفة
|