520 |
|
|
|a نحاول في هذه الدراسة الإجابة عن إشكالية التغير والتحول المستمر في مواقف السياسة الخارجية التركية تجاه القضايا العربية وخاصة قضية الصراع مع إسرائيل, وماهية المحددات الداخلية والخارجية للسياسة التركية, باعتبار تركيا دولة إقليمية لها وزنها التاريخي والسياسي والاقتصادي, وبالتالي نجد لها ارتباطاً وثيقاً بالمنطقة وقضاياها, وسواء رغبت تركيا أم لم ترغب فموقعها الاستراتيجي الهام بين ثلاث مواقع ساخنة في العالم (البلقان, القوقاز, الشرق الأوسط) يجعلها محل ترصد وترقب من جميع الأطراف, ويجعلها في موقع قريب من القوى العالمية في كل الظروف. عرفت العلاقات العربية التركية في فترة الدراسة مرحلتين, برزت المرحلة الأولى مع ظهور صراع الحرب الباردة بين المعسكرين الشرقي بقيادة الاتحاد السوفييتي والغربي بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية, حيث أدى الضغط المتزايد على تركيا من طرف الاتحاد السوفييتي إلى توجهها نحو الغرب, بقبول الاستفادة من مشروع ترومان الاقتصادي, والانضمام إلى الأحلاف العسكرية الغربية مما أدى إلى توتر علاقاتها مع الدول العربية خاصة بعد اعترافها بإسرائيل. أما في المرحلة الثانية وهي فترة ما بعد الستينات فنجد أن تركيا اتجهت نحو تبني مواقف متوازنة تجاه قضية فلسطين والصراع العربي الإسرائيلي, وذلك بسبب تخلي الغرب عنها في أزمة قبرص سنة 1964م, ودعم العرب للقبارصة اليونان, وسعت تركيا في الفترة اللاحقة إلى تحسين علاقاتها مع العالم العربي والإسلامي باستغلال منظمة المؤتمر الإسلامي كفضاء للتعاون والتقارب.
|